الدرهم لا يكون كنزا ولا مدفونا ، وأيضا عبر في الأولين بلفظ الدار ، ولم يتعارف التقاط الورق في الدار ، بخلاف الخربة ، فإنها ربما تكون ممر الناس ومعبرهم ومحل الدخول والخروج ، فإذا اتفق أن رجلا وجد ورقا - كما هو مضمون الرواية الأخيرة [1] - فلعله اللقطة ، كما أشرنا ، فتأمل جدا ! ومما ذكر ظهر أن المراد مما وجد في المواضع الثلاثة هو مثل الذهب والفضة ، لا مثل الثوب والقلنسوة والنعل وأمثالها ، إذ الظاهر أنها لقطة ، فتأمل جدا ! قوله : إذ قد يحمل الأولتان [2] على ما بعد التعريف ، فإن هذه مقيدة به بخلافهما ، فيجب التقييد كما تقرر . . إلى آخره [3] . لا يخفى أن الكنز الموجود في الخربة التي جلا أهلها لا ينفع التعريف فيه ظاهرا ، بل لا ينفع البتة بالنسبة إلى غالب أفراده ، وحمل الحديث على الفرض النادر فيه ما فيه ، على أن حمل المطلق على المقيد إذا لم يكن بينهما تفاوت سوى الإطلاق والتقييد - وقد عرفت التفاوت - بحيث يمكن الجمع بنحو آخر ، بل لعله أقرب . قوله : إذ الفرض عدم مالك معروف ، ولهذا قال : " أن يعرفها " . . إلى آخره [4] . لعل مراده من المعروف من يمكن أن يعرف ، على ما هو الشأن في اللقطة .
[1] أي : رواية محمد بن قيس آنفة الذكر . [2] أي : روايتا محمد بن مسلم آنفتا الذكر . [3] مجمع الفائدة والبرهان : 10 / 477 . [4] مجمع الفائدة والبرهان : 10 / 479 - 480 .