الأمانة ، كما صرح به الفقهاء في مواضع لا تحصى [1] . وبالجملة ، التفاوت بين الصورتين ليس إلا أن الموكل يستلزم دعواه خيانة الوكيل في التصرف في الصورة ، وفي هذه الصورة خيانته في الكذب ، وعلى التقديرين يكون الأصل مع الوكيل ، ليس عليه إلا اليمين ، لما ذكر من الوجوه ، ولأنه محسن و * ( ما على المحسنين من سبيل ) * [2] . مع أنه ظاهر عدم خيانته في إقباضه المبيع قبل الثمن ، لأن هذا هو الظاهر المتعارف المتداول في المعاملات ، وإطلاق اللفظ ينصرف إلى المتعارف ، على أنه ليس بمتعارف عكس هذا حتى يدعى انصراف الإطلاق . وليس دليل شرعي يقتضي إيجاب إقباض المبيع بعد قبض الثمن - لا معه ولا قبله - سيما إذا كان جاهلا ، وأولى منه أن لا يكون مجتهد حاكم بذلك ، أو يكون لكن لم يتمكن من الأخذ عنه . وبالجملة ، لم نجد دليلا على غرامة الوكيل أصلا ، سيما أن تكون أدلة عدم الغرامة تضمحل به ، غاية ما في الباب أن الموكل يمكنه أن يدعي على الغريم ببقاء حقه عنده ، ويتسلط على حلفه ، ويحلفه على الإقباض . لكن إن أمكنه هذه الدعوى هنا أمكنه في الصورة الأولى أيضا ، لعدم التفاوت أصلا ، سوى ما ذكر من التفاوت في دعوى الخيانة ، وأن في الصورة الأولى يزيد دعواه الخيانة على الثانية ، بأنه يدعي خيانة فيما سبق وكذبا الآن ، بخلاف الثانية ، فإنه يدعي الخيانة الآن ، وغير أنه لا فرق بحسب القواعد الشرعية ، فتأمل ! .