جواب في مقابل سؤال السائل ، وهو أنه سأل : إن الرجل يأتي حريفه وخليطه يستقرضه فيقرضه ، ولولا أنه حريفه وخليطه ويصيب عليه لم يقرضه ، ومعلوم أن سؤاله في صورة أنه إن لم يصب عليه لم يقرضه ، فضمير كان راجع إلى المسؤول ، ربما يظهر أن التفصيل في الجواب وارد في الصورة المذكورة . فيصير المعنى على ذلك ، أنه إن كان ما سألته مجرد المعروفية والمعلومية بينهما فلا بأس ، وإن كان أزيد من ذلك بأن إقراضه بشرط أن يصيب عليه ، فلا يصلح . فعلى هذا ، لا غبار على الحديث أصلا ، فلا وجه للحمل على الكراهة ولا التقية أصلا ، ويكون مثل صدر الحديث . مع أن الحمل على التقية مع تأتي الحمل الوجيه ، خلاف ما عليه الفقهاء ، وإطراح للخبر بغير وجه ، فتأمل . ومما ذكر ربما يتقوى دلالة صدر الخبر أيضا ، فتدبر . فالحديث - على ما ذكر - طابق فتوى الفقهاء من أن المعاملة المحاباتية إذا صارت شرطا في القرض يحرم وتفسد [1] ، وظهر منه حقية فتواهم وفساد ما توهم بعض من الصحة والحلية ، وكون ذلك من الحيل المحللة للربا [2] . على أنه ظهر فساد ذلك من طريقين آخرين : الأول : إن الحديث يدل على أن نفع المعاملة المزبورة [3] قد جره القرض ، وهذا القدر يكفي حجة عليهم ، وإن قلنا بعدم دلالة لا يصلح على الحرمة ، وذلك لأنهم ينكرون كونه قد جره القرض ويتحاشون .
[1] راجع ! مفتاح الكرامة : 5 / 40 - 44 . [2] لاحظ ! مفاتيح الشرائع : 3 / 63 . [3] إشارة إلى المعاملة المذكورة في صدر حديث يعقوب بن شعيب .