وقد انتزع الوضع من خطاب أوفوا فإذا اشترط التّكليف بالقدرة على التّسليم لا جرم لم يكن هناك ما ينتزع عنه الوضع في ظرف عدم القدرة والجواب عن الدّليل هو منع الملازمة بين الوضع والتّكليف ودعوى أنّ الوضع مستفاد من عمومات أخر غير خطاب التّكليف مثل دليل أحلّ اللَّه البيع وتجارة عن تراض وسلطنة النّاس على أموالهم بل دعوى أنّ خطاب أوفوا أيضا مسوق لبيان الوضع دون التكليف غير بعيدة ثم لا يخفى أنّ المدّعى في المسألة اشتراط العلم بالقدرة بمعنى بطلان ما لم يحرز فيه القدرة وإن كانت القدرة ثابتة واقعا وهذا الدليل لا يساعد إلَّا على بطلان ما انتفت فيه القدرة واقعا فهو أخصّ من المدعى وأيضا قضيّة هذا الدّليل بطلان البيع بانتفاء قدرة البائع مع أنّ المدّعى بطلانه بانتفاء قدرة المشتري على التسلَّم بحيث لو لم يقدر البائع وقدر المشتري صحّ قوله قدس سره وجوبا مطلقا منعنا الملازمة المراد من الوجوب المطلق ليس هو المطلق من شرط القدرة فإن كلّ وجوب مقيّد لا محالة بالقدرة بل المراد من المطلق ما صار فعليّا من جهة تحقّق شرطه المعلَّق عليه ومحصّل ما أفاده في الجواب هو منع الملازمة بين الوضع والتّكليف الفعلي والمسلَّم هو الملازمة بينه وبين التّكليف في الجملة بالأعمّ من المطلق والمشروط وهذا حاصل فيما لم يكن قادرا فعلا وكان قادرا فيما بعد وأنت خبير بأن مدرك الملازمة الَّذي أشرنا إليه إن صحّ كانت قضيّته الملازمة بين الوضع والتّكليف المطلق وإلَّا لم يكن دليل على الملازمة رأسا فالعمدة في الجواب إنكار الملازمة رأسا قوله قدس سره وقد يعترض بأصالة عدم تقيّد الوجوب يعني أصالة الإطلاق في الوجوب الذي دلّ الدّليل على الملازمة بينه وبين الوضع فيثبت الملازمة بين الوضع وبين التّكليف المطلق لا مطلق التّكليف وقد عرفت أنّ المراد من المطلق في المقام ليس هو المطلق من اشتراط القدرة ليتمسّك بالإطلاق لنفي التّقييد بالقدرة فإن التّكليف مقيّد لا محالة بهذا القيد بل المراد بالمطلق ما صار فعليا لتحقّق شرطه وأصالة الإطلاق وعدم التقييد الذي هو أصل لفظي غير نافع لإثبات ذلك وأنّ الحكم قد صار فعليا لحصول شرطه في الخارج قوله قدس سره بأصالة عدم تقيّد البيع بهذا الشرط يعني تقيّد صحّته ونفوذه بوجود تكليف مطلق والمتيقّن تقييده بوجود التّكليف في الجملة وفيه أنّه لم يدّع أحد تقيّد الصحّة بالتّكليف وإنّما ادّعى ملازمتها مع التّكليف واستفادتهما من دليل واحد بحيث يتقيّد كلّ منهما بما يتقيّد به الآخر ومعلوم أن لا أصل يقتضي عدم هذه الملازمة قوله قدس سره وفي الاعتراض والمعارضة نظر قد عرفت ما يصلح أن يكون وجها للنّظر ومع التنزّل عن ذلك نقول إنّ الأصل الثّاني محكوم بالأوّل فإن التّقييد ثابت في الجملة فإذا شكّ في القيد إطلاقا وتقييدا فأصالة الإطلاق فيه حاكمة على أصالة عدم التّقييد بالمطلق حكومة ظهور القيد والقرينة على ظهور ذي القرينة قوله قدس سره ويضعّفه منع توقّف مطلق الانتفاع مضافا إلى أنّ القياس لو تمّ بمقدّميته وسلم عن الخدشة لم ينتج المدّعى لعدم إبطال تخلَّف الغرض للبيع غايته ثبوت الخيار للمشتري مع الجهل بالحال ولذا لو تعذّر التّسليم بعد البيع لم يبطل به البيع قوله قدس سره ومع ذلك فقد استظهر بعض من تلك العبارة المستظهر هو صاحب الجواهر ولعلّ المنشأ لذلك تعليل اعتبار القدرة بالتحفّظ والتحرّز ممّا لا يمكن فيه ذلك وهو يعطي بأنّ ما لا يمكن فيه ذلك باطل والتّقييد بالقدرة لإخراجه نعم لو كان قوله فينتفي المشروط عند انتفاء الشّرط من عبارة الغنية كانت العبارة صريحة في الشرطيّة لكن صاحب الجواهر ينقل هذا الجزء وكذا المصنّف في صدر المسألة فيحتمل أن يكون ذلك من المصنّف ألحقه تبيانا للعبارة بما فهمه ولكن ظاهر عبارته الآتية خلاف ذلك وأنّه جزء من عبارة الغنية قوله قدس سره قال ويظهر الثّمرة في موضع الشكّ تفريغ هذه الثمرة ينبئ عن اعتبار قاعدة المقتضي والمانع فعلى القول بشرطيّة القدرة يعتبر إحراز القدرة في الحكم بالصحّة وعلى القول بمانعيّة العجز يكفي الشكّ في العجز في الحكم بالصحّة لأنّ العقد يقتضي النّقل والعجز مانع ويؤكَّد ذلك أنّه جعل الاختلاف في مسألة الضّالّ والضّالَّة دليلا على أنّ القدر المتّفق عليه ما إذا تحقّق العجز فإنه يكشف عن أنّ النّسبة بين القولين هو العموم والخصوص المطلق وذلك لا يكون إلَّا بعد ضمّ قاعدة المقتضي والمانع أو جعل الشرط على تقدير الشرطيّة هو العلم بالقدرة دون نفس القدرة وجعل المانع العلم بالعجز دون نفس العجز فتكون صورة العلم بالعجز هي المتّفق على بطلانها لبطلانها سواء كانت القدرة شرطا أو العجز مانعا كما أن صورة العلم بالقدرة هو المتّفق على صحّتها فتبقى صورة الشكّ محلَّا للخلاف ومنشأ الخلاف هو الخلاف في شرطيّة القدرة ومانعيّة العجز مع الالتزام بقاعدة المقتضي والمانع أو الخلاف في شرطيّة العلم بالقدرة ومانعيّة العلم بالعجز ومنه يظهر أنّ ما أشكله المصنّف من عدم الثمرة بين القولين في غير محلَّه سيّما ومذهبه شرطيّة العلم أو الوثوق بالقدرة على سبيل جزء الموضوع ويقابله مانعيّة العلم بالعجز فيكون مورد الشكّ محكوما بالفساد واقعا على مذهبه لانتفاء الشّرط قطعا بلا مجال للأصل ومحكوما بالصّحة واقعا على المذهب الآخر ومنه يظهر ما في رجوعه إلى الأصل وحكمه بعدم الفرق بين القولين في جريان الأصل فإنّه مع ما صرّح به في آخر البحث من دخل إحراز القدرة في الصّحة لا القدرة الواقعيّة كيف ساغ له أن يرجع إلى استصحاب القدرة أو استصحاب عدم العجز إلَّا أن يكون ذلك مبنيّا على مذهبه من قيام الأمارات والأصول مقام القطع المأخوذ في الموضوع على وجه الطريقيّة قوله قدس سره فكيف يكون مانعا من أنّ المانع ليس المانع هنا هو المانع المصطلح عليه عند أرباب المعقول ولا الشّرط والمقتضي وسائر ما اصطلحوا عليه من أجزاء العلَّة جاريا على مصطلحهم لأنّ باب العقود ليس باب التأثير والتأثر الحقيقي بل التّأثير في مجرّد الاعتبار فشابه ذلك لذلك فأطلق عليه ألفاظه فمعنى كون العجز مانعا خروج صورة العجز عن حكم أوفوا كما أن معنى كون القدرة شرطا خروج ما عدا صورة القدرة عن حكمه وقد عرفت الثمرة بين الأمرين وأنّها تظهر بضمّ العلم أو قاعدة المقتضي إلى الجانبين قوله قدس سره ولا في غيرهما يعني غير صورة الشكّ ولو من باب السّالبة بانتفاء الموضوع إذ لا صورة واقعيّة تكون واسطة بين صورتي العجز والقدرة كما في العدالة والفسق بناء على تفسير العدالة بالملكة فإنّ الواسطة بينهما من لم يرتكب ذنبا ولم تحصل له بعد ملكة ذلك وتكون هذه الواسطة هي مورد ظهور الثّمرة بين شرطيّة العدالة ومانعيّة الفسق قوله قدس سره فالأصل بقاؤها يعني على تقدير الشرطيّة وأمّا على تقدير المانعيّة فالأصل عدم العجز والنّتيجة واحدة كما أنّه مع سبق العجز يستصحب عدم القدرة على تقدير الشرطيّة والعجز على تقدير المانعيّة والنتيجة أيضا واحدة لكن قد عرفت ما في إجزاء الأصول في أمثال المقام ممّا كان الإحراز فيه جزء الموضوع إلَّا على القول بقيام الأمارات والأصول مقام القطع الموضوع على وجه الطريقيّة بناء على أنّ المقام منه قوله قدس سره وإذا شككنا في أنّ الخارج هذا إشارة إلى الشاة الحكمي الذي أشار إليه أوّلا كما أنّ الأوّل كان بيانا للشك الموضوعي على سبيل اللفّ والنّشر المرتّب قوله قدس سره إذا كانت العين في يد المشتري إذا كانت العين في يد المشتري فعليّة التسلَّم حاصلة فضلا عن القدرة فإنّ المعتبر من القدرة قدرة المشتري على التسلَّم فلا ينبغي عدّ هذه الصورة ممّا لا يعتبر فيها القدرة على التّسليم قوله قدس سره وإمّا لتزلزل العقد يعني عدم تماميّة وبقاء شيء ممّا يعتبر في تأثيره وما لم يتم العقد لا يستحقّ التّسليم كما أنه لو اشترط تأخير التسليم لم يستحقّ مع تماميّة العقد وثالث صور عدم استحقاق التّسليم كون المبيع ممّن ينعتق على المشتري والمعتبر هو القدرة على التسليم في ظرف استحقاق التّسليم ففيما لا استحقاق أصلا لا تعتبر القدرة رأسا وفيما تأخّر الاستحقاق تأخّر اعتبار القدرة ومن ذلك يظهر ما هو الإشكال على القول بالكشف فإنّ العقد تام واستحقاق التسليم قبل الإجازة حاصل إذ ليس شأن الإجازة إلَّا الكشف ومع ذلك