ولعل قوله صلى الله عليه وآله ( إنما أقضي بينكم بالبينات والأيمان ) إشارة وتوطئة لبيان أنه لا يقضي بعلمه بالواقعيات بل يقضي كغيره بالبينات والأيمان . فعلى هذا يمكن تصحيح القول بقاعدة العدل والانصاف في الجملة في الموارد التي لا يمكن الحكم فيها بالبينة واليمين واليد ، كما إذا كان مال بين شخصين كل واحد منهما يعلم أنه إما له أو لصاحبه ، ولا يد لأحدهما عليه ، فالحكم في ذلك ، التنصيف دون القرعة عملا بقاعدة العدل والإنصاف . وكذا إذا كان المال بيد المتنازعين ولا بينة ، وقلنا بعدم كون كل منهما مدعيا للنصف الآخر ومدعيا عليه في نصفه ، فعلى هذا تنحصر موارد القرعة بما إذا لم يمكن في المورد الحكم بالبينة أو اليمين أو اليد ، حيث لا علم للقاضي بالواقع ولا يمكن العمل بقاعدة العدل والإنصاف . هذا ، وقد ظهر من ذلك كله بطلان احتمال الرجوع إلى القرعة إذا لم تكن لواحد منهما البينة وأن الحكم هو القضاء بينهما نصفين ، وإذا كانت بينة كل واحد منهما معارضة ببينة الآخر فالقضاء بالحلف وتعيين الحالف بالقرعة أو بالتحالف على تفصيل يأتي إنما يتم إذا كان لهما أو لواحد منهما يد على المال ، ومع عدم ذلك فلا بد من القضاء بكون المال بينهما . فإن قلت : إذا آل أمر القرعة إلى هذا الضيق مع كونها طريقا إلى الواقع ، فكيف يرتفع التهافت بين كونها كذلك وحصر جواز الرجوع إليها في موارد لم تكن مجرى لقاعدة من القواعد أو أصلا من الأصول . قلت : إن القرعة ليست بنفسها ومن غير إذن الشارع وتضمينه طريقيتها طريقا إلى الواقع ، وليس فيها مطلقا وبالذات جهة كشف ناقص يتمها الشارع