ثم إنه بعد التنبيه على ذلك نقول إنه يرد على ما وجه به احتمال الرجوع إلى القرعة في المسألة : إنه إنما يجوز الرجوع إلى القرعة إذا لم يندرج المورد في قاعدة من القواعد الشرعية مما يرفع به الإعضال والحيرة ، وأما الموضوع المتنازع فيه المذكور في عنوان المسألة لا إعضال فيه عند العرف بحيث لا يمكن للحاكم فصل الخصومة فيه إلا بالقرعة . وذلك أولا لحكم العرف والعقل بالنصف والعدل ، والجمع بين ما يقتضيه الدعاوي الواردة على مال واحد في الجملة إذا لم يكن لأحدهما البينة فيشمله قوله تعالى : ( وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ) بعد حكم العرف بما يقتضيه العدل والنصف ، وشمول مثل الآية له . وثانيا لا موضوع للقرعة ولا إعضال حتى يرجع إليها لدفعه لأنه إذا أقام كل منهما البينة يندرج تحت قاعدة : ( القضاء بالبينات والأيمان ) فيرجع إليها ويحكم بحلف أحدهما أو كليهما ، نعم يرجع إلى القرعة في تعيين الحالف إذا قلنا بأن الوجه حلف أحدهما أو القرعة إذا حلف كلاهما ، وأين هذا من الرجوع إلى القرعة ابتداء . أقول : أما ارتفاع الإعضال والإشكال بالحكم بالنصف ففيه أن ذلك فرع كون موضوع القرعة مجرد الإعضال والإشكال كما توهمه بعض المعاصرين ، ولذلك مع ذهابه إلى أمارية القرعة اختار تقدم الأصول عليها إذا كان موردها مجرى لأصل من الأصول لارتفاع موضوع الحكم بالقرعة ، وهو الحيرة والإعضال من البين ، وهذا توهم فاسد ، لأنه مع البناء على كون القرعة في الموارد المتنازع فيها والشبهات الموضوعية مطلقا أمارة وطريقا إلى الواقع كما