ومنها أصالة براءة ذمة المدعي من التكليف باليمين ، وهذا الأصل أيضا لا ينفع ، لإثبات وجوب القضاء للمدعي على المدعى عليه ، مضافا إلى أن يمين المدعي لم تجب عليه بالوجوب النفسي التكليفي الذي يصح للمولى مؤاخذة العبد في مخالفته ، حتى يجري فيه أصالة البراءة بل إنما وجبت عليه بالوجوب الشرطي الإرشادي من غير أن يترتب على مخالفته عقوبة ولا مؤاخذة ، فلا معنى للتمسك في نفيه بالبراءة . إن قلت : إذا كان مقتضى الأصل عدم جواز القضاء بمجرد النكول ، وعدم مشروعية رد اليمين من الحاكم ، وعدم ترتب الأثر على رده ، وحلف المدعي ، وعدم توجه اليمين على غير المنكر ، ولم يتم ما أقاموا من الأدلة على جواز القضاء بمجرد النكول ، وعلى وجوب رد الحاكم اليمين إلى المدعي فكيف يفصل الخصومة بين المتخاصمين . قلت قد مر أنه لا بد للحاكم في مقام فصل الخصومة رد اليمين إلى المدعى ، والقضاء على المدعى عليه بحلفه ، وهذا الحكم نافذ يقينا وإن لم نعلم أن وجه جوازه ونفوذه مجرد النكول أو رد اليمين وحلف المدعي . إن قلت : إن هذا الاحتياط ، وتحصيل الجزم بالحكم وفصل الخصومة إنما يمكن إذا كان المدعي باذلا لليمين وأما إذا كان ناكلا فلا يمكن الاحتياط لأن الأمر يدور بين القضاء على المدعى عليه الناكل بمجرد نكوله ، وعلى المدعي الناكل بمجرد نكوله ولا ترجيح للطرفين . قلت : نعم ما قلنا إنما يجري فيما إذا كان المدعي باذلا لليمين وأما إذا لم يكن باذلا فلا وجه لرد اليمين إليه وحينئذ لا بد إلا عن القول بحبس المدعى