نام کتاب : تاريخ الفقه الجعفري نویسنده : هاشم معروف الحسني جلد : 1 صفحه : 6
وليس من شك أن تاريخ الفقه نافع ومفيد ، لأن الاطلاع على جهود العلماء ، وعلى تدرج عقولهم النيرة في طريق النمو والرقي يمهد السبيل للوصول إلى الحقيقة ، كما أنه من الواضح أن لكل عصر من عصور التاريخ طابعه وظواهره الخاصة ، ومحال على آية فئة من الفئات ، أو أي فرد من الأفراد أن يفعل شيئا أو يرى رأيا يرجع إلى ذاته مجردة عن ظروفها الطبيعية والاجتماعية ، بل لا بد أن تنعكس هذه الظواهر في أقواله وأفعاله ، أراد ذلك أو لم يرد . والنتيجة الطبيعية لهذه الحقيقة أن دراسة تاريخ الفقه تهيئ لنا الوسيلة والأدوات التي نحلل بها آراء الفقهاء وأقوال الرواة تحليلا يردها إلى أسبابها الواقعية ، ويميز صحيحها من سقيمها ، والدخيل من الأصيل . ثم إن العهد بتاريخ الفقه الإسلامي حديث جدا ، فلقد أهمله السلف إلى أوائل هذا القرن ، حيث وضع الشيخ محمد الخضري فيه كتابا مختصرا ، وقد استوحى فكرة تأليفه من الغربيين ، فإنهم أول من تنبه إلى تاريخ الأديان والعلوم والفنون [1] ثم حذا حذو الخضري الشيخ السبكي بالاشتراك مع بعض شيوخ الأزهر ، ثم الدكتور محمد يوسف موسى ، ولا رابع - فيما أعلم . ولكن هؤلاء المؤلفين لم يكتبوا للتاريخ الذي هو للجميع ، وانما كتبوا لهم ولطائفتهم ، كتبوا في فقه السنة لا في الفقه الإسلامي ، ولم يتعرضوا لفقه الشيعة ، حتى كأن الشيعة لا وجود لهم أو لا فقه لهم ، أو أنهم ليسوا بمسلمين ، هذا مع العلم بأن مذهبهم من أقدم المذاهب في الفقه بشهادة التاريخ ، وقد سبقوا الجميع إلى تدوينه . وإذا كان لكل شيء سبب فإن السبب الأول الذي دعا فضيلة الأخ العلامة السيد هاشم معروف إلى تأليف هذا السفر النفيس هو ظلم من سبقه إلى التأليف
[1] الف السابقون في طبقات الفقهاء والنحاة والأدباء وغيرهم ، ولكن الطبقات والمراتب شيء ، وتاريخ الفن شيء آخر .
6
نام کتاب : تاريخ الفقه الجعفري نویسنده : هاشم معروف الحسني جلد : 1 صفحه : 6