نام کتاب : تاريخ الفقه الجعفري نویسنده : هاشم معروف الحسني جلد : 1 صفحه : 57
وقد روى عبد الله بن عباس في سبب نزول هذه الآية ان النبي لما خرج مع أصحابه يريدون العمرة وكانوا ألفا وأربعمائة ، فلما نزلوا الحديبية ، صدهم المشركون عن البيت الحرام فنحروا الهدي في الحديبية ، ثم صالحهم المشركون على أن يرجع النبي من عامه ويعود في العام المقبل ، ويخلوا له مكة ثلاثة أيام ليطوف بالبيت ويفعل ما يريد فرجع النبي . ولما كان العام المقبل تجهز النبي ( ص ) لعمرة القضاء وخاف أن لا تفي له قريش بما عاهدت عليه وكان يكره قتالهم في الحرم وفي الشهر الحرام إذا أرادوا قتاله ، فنزلت هذه الآية وفيها أمر الله سبحانه بقتال المشركين إذا أرادوا قتاله ، وان كان في الأشهر الحرم [1] ، وقيل كما عن الربيع بن أنس وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم أن هذه أول آية نزلت في القتال وبعد نزولها كان الرسول يقاتل من أراد قتاله ويكف عمن كف عنه . وجاء في آية أخرى [2] : « واقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ والْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ . ولا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيه فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ » وفي هذه الآية أمر بقتال المشركين أينما وجدهم المسلمون ولكنها نهت عن قتالهم عند المسجد الحرام إلا إذا أراد المشركون قتالهم عنده ، كما نصت على ذلك الآية السابقة ، فتكون الآيات المتقدمة والفقرة الأخيرة من هذه الآية مخصصة للعموم المستفاد من صدرها الظاهر في وجوب قتالهم أينما كانوا وفي أي زمان كان ، وقد دلت الآية الكريمة على أن الفتنة التي تحصل من شركهم وبقائهم على الكفر أعظم من قتالهم في الأشهر الحرم ، لأن الشرك بالله فتنة لا يمكن التغاضي عنها . وقد تطغى مفاسده على جميع القيم الإنسانية التي نادى بها الإسلام وأكدها القرآن . وقد جاء في الآية 193 : « وقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ ويَكُونَ الدِّينُ لِلَّه فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ » . أي حتى لا يكون الشرك ويظهر الإسلام على الأديان
[1] مجمع البيان وغيره من كتب التفسير . [2] سورة البقرة الآية 191 .
57
نام کتاب : تاريخ الفقه الجعفري نویسنده : هاشم معروف الحسني جلد : 1 صفحه : 57