نام کتاب : تاريخ الفقه الجعفري نویسنده : هاشم معروف الحسني جلد : 1 صفحه : 236
يجرؤ على الإكثار من الإفتاء ، من لا يجرؤ على الرأي ، ولا يوصف بالجريء في الفتيا من يقف عند النص أو الأثر لا يعدوه . بل يوصف بالجريء من يسير في دائرة المأثور ، ويكثر من التخريج عليه والسير على منهاجه ، وليس ذلك إلا الرأي » [1] . وقال عنه في موضع آخر من كتابه : « وكان سعيد بن المسيب كثير الإفتاء بالرأي » . وفيما سبق ، ذكرنا أن عمر بن الخطاب كان يفتي برأيه أحيانا ويعمل بالقياس ، تمشيا مع المصلحة التي يراها ، حتى ولو خالف النصوص القرآنية والنبوية . ولا شك بأن جماعة من الفقهاء في الحجاز ، قد أخذوا من قضائه وفقهه ونهجوا على طريقته في الفقه والقضاء . ومهما يكن الحال ، فالافتاء بالرأي ، المرادف للاجتهاد ، لا بد منه للفقيه في فهم النصوص وفيما لا نص فيه ، بعد الفحص والاطمئنان إلى الواقع . ومجمل القول ان الإفتاء بالرأي ، فيما إذا لم يكن لدى المفتين دليل من كتاب أو سنة ، أو كان لديه ما يفيد الحكم منهما ، ولكنه لم يكن نصا فيه بأن كان يحتمله ويحتمل غيره ، فإعمال الرأي في مثل ذلك للتوصل إلى الواقع ، ليس بالبعيد أن يكون نشأ في التشريع الإسلامي ، منذ بدأ المسلمون يأخذون الأحكام من الكتاب والحديث . وقد شاع ذلك بين الصحابة وفقهاء الحجاز ، الذين اشتهروا بعد ذلك بالحديث ، لوفرة حظهم منه ، كما اشتهر فقهاء العراق وغيرهم بالرأي للأسباب التي ذكرناها . والرأي بهذا المعنى ، لا بد للفقيه من اللجوء إليه ، بعد أن كان الفقه الإسلامي مستمدا من هذين الأصلين الكريمين . أما الرأي الذي يرادف القياس ، والذي غالى به بعض أنصاره ، فعارض به السنة وخصص به القرآن ، فلم يكن شائعا بين فقهاء العراق ، وبالأخص فقهاء الشيعة منهم ، الذين تزعموا تدريس الفقه والإفتاء في عصرهم ، كإبراهيم بن يزيد