نام کتاب : تاريخ الفقه الجعفري نویسنده : هاشم معروف الحسني جلد : 1 صفحه : 230
الفرس والرومان وشمالي إفريقيا ، وغيرهما من الأقطار التي غزاها الاسلام . ومما لا شك فيه ان لكل من هذه الأقطار حضارتها وعوائدها وأعرافها التي تخصها . وكم يرى من الفرق بين الحياة التي كان يحياها الرسول وصحابته في دنياهم المحدودة يوم ذاك ، تلك الحياة البسيطة الهادئة ، وبين تلك الحياة التي عاش فيها الفقهاء بعد عصر الرسول وصحابته ، وانتشر فيها الاسلام في الشرق والغرب والشمال والجنوب ؛ فكان مما لا بد منه أن يتأثر العرب الغزاة ، بما في تلك البلاد ، من العادات والتقاليد والنظم الاقتصادية والاجتماعية ، مما تتصل بحياة الانسان اتصالا مباشرا وتؤثر على تفكيرهم ، حتى في فهم نصوص القرآن والسنة . وذلك من دواعي نمو التشريع وتضاعف جهود الفقهاء وحملة الحديث ، في تطبيق تلك القواعد العامة ، التي وردت في الكتاب والسنة ، على تلك الوقائع والحوادث التي تجددت مع الزمن ، لا سيما وان المأثور عن الرسول صلى الله عليه وسلم من قضاء وأحكام ، في الموارد الخاصة وما طبقه من تلك القواعد الكلية التي وردت في الكتاب على الحوادث والوقائع التي مرت في عصره ، لم تكن في الغالب تشبه ما تحدد من الزمن ، من أوضاع اقتضتها طبيعة الحياة الجديدة التي استقبلها المسلمون بما فيها من عادات وأعراف تخصها . واقتضى ذلك ان تتضاعف جهود العلماء والمفتين في البحث عن النصوص الاسلامية وفهم المراد منها ليستطيعوا ربطها بتلك الكليات التي وردت في الكتاب والسنة وتطبيقها على الجزئيات التي تتجدد مع الزمن . وهذا ما لم تدع إليه الحاجة في عصر التشريع وما بعده من عصر الصحابة ، لعدم التبدل المحسوس في الأوضاع ، في تلك الفترة من الزمن . ومن أجل ذلك ، كان لعصر التابعين ذلك الطابع الخاص ؛ واشتهر فيه العمل بالرأي والاجتهاد بين الفقهاء ، وعلى الأخص ما كان منهم خارج الحجاز ، كالعراق مثلا ، التي اشتهر فقهاؤها بأهل الرأي [1] .