أقول : إن الغرض الأصلي من الصلح هو قطع المشاجرة والتراضي بين المتنازعين ، قال في مجمع البحرين : وفيه " الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا " أراد بالصلح التراضي بين المتنازعين ، لأنه عقد شرع لقطع المنازعة . . . قال بعض الأفاضل : أنفع العقود الصلح لعموم فائدته ، فإنه يفيد فائدة سائر عقود المعاوضات من البيع والإجارة والعارية ونحو ذلك ، ويصح على ما في الذمة من غير عوض ، لأنه ليس من شرطه حصول العوض ، وإنما شرع لقطع المنازعة - الخ . وبالجملة ، فالصلح هو التسالم لا بمعنى تسليم كل من الطرفين شيئا للآخر ، بل بمعنى التوافق ، وهو ما يعبر عنه بالفارسية ب " سازش وسازگارى " ، ولذا لا تتعدى الصيغة إلى المال بنفسها . فظهر أن الصلح أمر آخر غير البيع . نعم قد يستفاد منه فائدة البيع كما إذا أوقعا البيع بصورة الصلح - لأجل سقوط الخيار الخاص بالبيع كخيار المجلس حيث ورد " البيعان بالخيار ما لم يفترقا " - صار كل منهما مالكا لما انتقل إليه فور وقوع الصلح ، وقد يفيد فائدة الإجارة لو تعلق بالمنفعة ، ولو تعلق بالحق أفاد الاسقاط . ويدل على أن حقيقة الصلح ليست إلا التسالم ، عدم اعتبار طلب الصلح من الخصم اقرارا بكون الشئ ملكا للآخر ، بخلاف ما إذا طلب التمليك فإنه يعتبر اقرارا . قال " قده " : وبالهبة المعوضة .