وهو قول ليس بالقوي ، لقاعدة السلطنة واستصحابها . وأما استصحاب الإباحة الثابتة قبل رجوع المالك عن إباحته - فمحكوم بالقاعدة واستصحاب السلطنة ، وأما اعتبار السلطنة بعد التلف فمعناه ضمان المباح له بدل العين التالفة . هذا ، لكن الرجوع عن الإباحة بعد التلف لا محصل له ، لأنه لو كان المقصود الرجوع عن الإباحة لما قبل التلف فهو غير ممكن ، لأن ما وقع وقع ولا ينقلب عما وقع عليه ، فكيف يترتب عليه الأثر وهو ضمان البدل ، وإن كان المقصود الرجوع عن الإباحة بعد التلف فبقاء إباحة التصرف في العين بعد التلف لغو لا معنى له حتى يصح الرجوع عنه . وأما إذا كانت الإباحة شرعية مستندة إلى رضا المالك بالتصرف بانشائه الإباحة ، أو انشائه الملكية بالاعطاء ، فأباح الشارع التصرف تعبدا مع عدم امضاء التمليك : فأما في الصورة الأولى فإن قاعدة السلطنة محكمة ، لأن المفروض أن حكم الشارع مستند إلى رضاه ، فمتى رجع عن ذلك رجع الشارع عن إباحته . إذن فالأصل في هذه الصورة الجواز كذلك . وأما في الصورة الثانية - حيث الإباحة شرعية تعبدية - فلا مجال للقاعدة المذكورة ، لأن الحكم فيها وارد من قبل الشارع بالاستقلال وليس للقاعدة رفع حكم الشارع ، إذ المفروض أنه قد رفع السلطنة بحكمه بإباحة التصرف للمباح له ، ففي هذه الصورة ليس الأصل هو الجواز ، لكن المسلم أنه بعد التعاطي وتحقق الإباحة يجوز الرجوع