المتعاطيين الإباحة بعوض التمليك ففي المسألة ثلاثة وجوه ، ثم قوى الأول - وهو اللزوم - وكذا قال فيما إذا أباح في مقابل الإباحة . ولعل وجه اختياره اللزوم في الثاني دليل " المؤمنون عند شروطهم " ، فإنه يقتضي عدم جواز رجوعه عما اشترط على نفسه . لكن الحق أن يقال : لو كانت الإباحة مالكية وأمضاها الشارع فقال " لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفسه " لم يخل التمسك ب " المؤمنون عند شروطهم " لأجل اللزوم من اشكال ، لأن العقود الإذنية لا تلزم أبدا ، فلو رجع المالك عن إباحته لم يجز التصرف للمباح له في المال . نظير الوكالة ، فإنها عقد جائز ، وقد وقع البحث بينهم في لزومها لو وقعت شرطا في ضمن عقد لازم ، فذهب بعضهم إلى لزومها حينئذ ، وقال آخرون : يصح عزل الوكيل عنها مطلقا ، لأنها عقد إذني ( وإن كان يحرم على الموكل ذلك تكليفا ) ، فالإباحة إن كانت مالكية وقد رتب عليها الشارع الأثر وأنفذها كان الرجوع عنها مؤثرا البتة . فالشيخ " قده " قد حكم هناك باللزوم لأن " المؤمنون . . " يقتضي وجوب الوفاء تكليفا ، وهنا يحكم بالجواز الوضعي . فهذا توجيه ما صدر منه " قده " ، وإلا فالقول بغفلته عما ذكر هناك مشكل ، والله سبحانه العالم . وبالجملة : إن كانت الإباحة مالكية فالأصل هو الجواز ، فمتى أراد الرجوع عن إباحته كان له ذلك ، سواء بقيت العينان أو لا . اللهم إلا على القول بأن العقود الإذنية إن أنشأت في ضمن عقد لازم لزمت ،