نام کتاب : بحوث في الفقه المعاصر نویسنده : الشيخ حسن الجواهري جلد : 1 صفحه : 90
قيمة الورقة التجارية إذا تخلف محررها عن ذلك عند حلول الأجل ، وبما أن محرر الورقة التجارية هو المدين للمستفيد ، فإن تأخر في دفع المبلغ ، فيكون للمستفيد الحق ( بحكم القانون الربوي الوضعي ) أن يأخذ من المحرر الفائدة على التأخير ، وبما أن المستفيد هو مدين للبنك وقد تأخر عن دفع المبلغ إلى البنك تبعا لتأخر محرر الورقة ، فيكون للبنك الحق أن يأخذ من المستفيد الفائدة على التأخير ، وبهذا ستكون الفائدة على التأخير قد استقرت على محرر الورقة التجارية بواسطة توكيل البنك على محرر الورقة في قيمة الفوائد . إذن على هذا التحليل : يكون ما أخذه ( البنك الخاصم للورقة التجارية ) في مقابل الأجل ( وهو الشرط الأول ) هو الفائدة المحرمة ، لأنه قد أخذها نتيجة الأجل الباقي لموعد حلول الدفع ، وهذا هو الربا بعينه ، وكذا يكون ما أخذه البنك من فوائد التأخير ( عند تأخر المحرر عن الدفع ) هو ربا أيضا لنفس السبب المذكور . نعم : ما يقتطعه البنك ( حسب الشرطين الثاني والثالث ) أي ما يأخذه كعمولة على خدمته ، أو لقاء تحصيل المبلغ إذا كان يدفع في مكان آخر ، فهو أمر جائز وذلك : لأن الأول : هو عمولة لقاء عمل من البنك ، فهو جائز لا إشكال فيه . وأما الثاني : وهو ما يقتطعه البنك لقاء تحصيل المبلغ إذا كان يدفع في مكان آخر ، فجوازه يحتاج إلى توضيح فنقول : إن البنك إذا خصم الكمبيالة فقد أصبح البنك دائنا لمن خُصمت له الورقة ، ولكن بعد أن وكل المستفيد البنك في استحصال قيمة الورقة من محرر الورقة التجارية ويستوفي دينه منه ، فهنا من حق الدائن ان يطالب بالوفاء في نفس المكان الذي تحقق فيه الدين ، ولأجل أن يقبل البنك استيفاء دينه في مكان آخر وهو مكان محرر الورقة التجارية ، يجوز أن يجعل المقترض للبنك جعالة في قبال أن يسقط شرط الوفاء في مكان تحقق الدين ويقبل الوفاء في مكان آخر وهو مكان محرر الكمبيالة ، وهذا هو عبارة عن أخذ البنك قيمة مصاريف تحصيل الورقة التجارية إذا كانت في مكان آخر . كما يمكن للبنك ان يقبل الوكالة في مطالبة محرر الورقة في مكان غير مكان دينه للمستفيد في مقابل جعل أو أجر . وبعد أن عرفنا تحليل عملية خصم الأوراق التجارية ، وعرفنا ان استنزال البنك الفوائد للمبلغ المذكور من حين الدفع إلى يوم الاستحقاق هو عملية ربوية ، وكذا أخذ الفوائد على تقدير التأخير في الدفع ، فهل يوجد لنا طريق للتخلص من الفائدة المحرمة في خصم الأوراق التجارية ؟ نقول : يوجد هنا طريقان : الطريق الأول : وهو ما ذكره السيد الشهيد الصدر في كتابه البنك اللا ربوي في الإسلام [1] كطريق للتخلص من الفائدة المحرمة هنا ، وقد عبّر عنه : « باشتراط القرض المماثل مع التشجيع على تحويله إلى حبوة » وتوضح ذلك : ان يشترط البنك على كل مقترض منه أن يقرض البنك لدى الوفاء مقدارا من المال ( يساوي ما يأخذه البنك لقاء الأجل ) لمدة خمس سنوات مثلا ، وهذا الاشتراط ليس به بأس شرعي ، لأنه ليس من الربا ، وبعد أن اقترض البنك هذه الكمية من النقود يمكنه أن يودعها عند بنك يسوغ لنفسه أخذ الفائدة منه ( كالبنوك التي تكون للكفار ) وهنا يتقاضى البنك الدائن الفوائد عليها ، وعندما يحل الأجل المحدد يسحب البنك هذا
[1] راجع ، ص 71 وما بعدها ، طبعة المطبعة العصرية في الكويت .
90
نام کتاب : بحوث في الفقه المعاصر نویسنده : الشيخ حسن الجواهري جلد : 1 صفحه : 90