نام کتاب : بحوث في الفقه المعاصر نویسنده : الشيخ حسن الجواهري جلد : 1 صفحه : 285
عصمته عن المعصية وصونه عن المخالفة . ومن هذه الأدلة أيضاً قوله تعالى : ( وما أرسلنا من رسول إلاّ ليطاع بإذن الله . . . ) [1] فكون الرسول مطاعاً هو غاية للارسال ، وهذا يستدعي بالملازمة البيّنة تعلق إرادته تعالى بكل ما يطاع فيه الرسول ( قوله أو فعله ) حيث إن كلاً منهما وسيلة متعارفة في التبليغ ، وحينئذ لو تحقق من الرسول خطأ في فهم الوحي ، أو في التبليغ ، أو في معصية ما ، لكان ذلك إرادة من الله تعالى للباطل ، بينما الله سبحانه و تعالى لا يريد إلاّ الحق . ومنها أيضاً قوله تعالى : ( رُسلاً مبشرينَ و منذرينَ لئلا يكونَ للناس على الله حُجّةٌ بعد الرسل . . . ) [2] فالله تعالى يريد قطع عذر الناس فيما فيه المخالفة و المعصية ، و بما أنه لا قاطع لعذرهم إلاّ الرسل ( عليهم السلام ) ، ومن المعلوم أن قطع الرسل عذر الناس إنما يصح إذا لم يتحقق من ناحيتهم مالا يوافق إرادة الله ورضاه ( من قول أو فعل أو معصية ) وإلاّ إذا لم يتحقق من ناحيتهم مالا يوافق إرادة الله يكون للناس أن يتمسكوا به ويحتجوا على ربّهم سبحانه ، وهذا نقض لغرضه تعالى . نقول : و بعد هذه النبذة من الأدلة على عصمة النبي و بقية الأنبياء ، هل يسوغ للشيخ النمر أن يقول أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قد اجتهد في المعاملات الدنيوية ؟ ! وهل المعاملات الدنيوية إلاّ وقائع لها أحكام من قبل الله تعالى قد بيّنها سبحانه على لسان نبيّه الكريم ؟ وإذا كان هذا حقاً فهل يمكن أن يكون كلام النبي غير حق حتى يسوغ للنمر أن يخالف النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) ؟ ! . نعم ، حدثت مخالفات للنبي الأكرم بعد وفاته من قبل بعض الصحابة ، ولكن هذا ليس دليلاً لجواز مخالفة النبي الأكرم في أحكام الله ( المعاملات و السياسات وغيرها حتى العبادات ) ، بل إن هذا عمل غير صحيح قام به هؤلاء لأنه ردّ على رسول