نام کتاب : بحوث في الفقه المعاصر نویسنده : الشيخ حسن الجواهري جلد : 1 صفحه : 163
المتبرع يتمكن ان يفرّغ الذمّة المشغولة ، كما ان الابراء - أيضا - كذلك ، وكذا الضمان . ثم إننا لا ندري ما هو الدليل على أن صاحب الذمّة المشغولة ان لم يترك مالا عند موته تسقط ديونه ؟ ! ! نعم ، الميت غير مكلف بأداء الدَّين بعد موته ، لأنه خرج عن كونه مكلفا ، اما أن ذمته مشغولة فهو شيء آخر غير العهدة ، وهذا لا يزول ولا يسقط بالموت . إذن ، الصحيح ما قلناه - سابقا - من ان الذمّة تبقى بعد الموت صحيحة إلى أن توفى الديون أو يبرأ من قبل الدائنين أو يتبرع عنه متبرع ، أو يضمن من قبل شخص حي ويقبل الدائن . والدليل على ذلك بالإضافة إلى ما تقدم - من ان الذمّة وعاء اعتباري يعتبره العقلاء ، والاعتبار سهل المؤونة ، فيكون بعد الموت أيضا - ما ورد في الحديث النبوي الشريف : « إن ذمّة الميت مرتهنة بدَينه حتى يقض عنه » [1] . نعم ، بالموت يخرج الانسان عن صلاحية المطالبة في الدنيا ، كما لا يجب عليه الأداء لعدم تكليفه ، لكن هذا لا يوجب عدم بقاء الذمة وصلاحيتها لان تشتغل بالدَّين وقد وردت صحة أن تشغل ذمّة الميت بدين جديد متفرع عن سبب سابق ، كما لو باع شخص شيئا وتوفى وردّ بعد الموت بعيب فيه ، فان ذمّة البائع تشتغل بثمنه الواجب الرد ، وكذا لو باشر في حياته سببا من أسباب الضمان كمن حفر حفرة في الطريق العام ثم مات فتردّى حيوان في الحفرة بعد موته ، فان ذمة الحافر تشتغل بضمان قيمة الحيوان فتؤخذ من تركته . والى هذا الرأي ذهب الشافعية [2] ، وهو رأي المالكية وفريق من الحنابلة أيضا [3] . ومما تقدم - أيضا - يبطل القول الحنفي القائل : إن الذمّة تضعف بالموت ولكن لا تنهدم ، أي يبقى للذمة ما تقتضيه الضرورة ، وهذا الضعف يبدأ من مرض الموت ،
[1] الحديث أخذ عن كتاب الفقه الاسلامي في ثوبه الجديد ، ج 3 ، ص 228 . والظاهر انه لم يرد في كتب الشيعة مثل هذا النص ، إلا انه موافق لنصوص كثيرة تؤيد هذا المعنى . [2] حاشية الرملي على اسناد المطالب ، ج 1 ، ص 235 عن الفقه الاسلامي في ثوبه الجديد ، ج 3 ، ص 229 . [3] الفقه الاسلامي في ثوبه الحديد ، ج 3 ، ص 229 .
163
نام کتاب : بحوث في الفقه المعاصر نویسنده : الشيخ حسن الجواهري جلد : 1 صفحه : 163