التزاحم يمكن عن طريق أهل الخبرة ، وليس لآحاد الناس غير العارفين بهذه الأمور حقّ الانتخاب بل ليس لأهل الخبرة أيضاً حقّ الانتخاب ، بل تشخيص المصداق كتشخيص الطبيب ، وكسائر موارد الرجوع إلى أهل الخبرة . هذا هو المعيار المتداول في الفقه الذي ينبغي للفقيه متابعته ، لا الانتخاب الذي ليس له عين ولا أثر في الفقه ولا في التأريخ . إن قلت : من أين يعرف أن هذا الشخص من أهل الخبرة دون ذاك . قلت : كما يعرف الطبيب وغيره من أهل الخبرة فيما يحتاج إليه ، فهل الطبيب يكون بانتخاب الناس ؟ وكذلك أهل الخبرة في علوم الدين أو معرفة زعمائه ومن فيه المرجحات لتصدي الولاية . وقد تلخص ممّا ذكرنا أنه إن قام بعض الفقهاء اللائقين بأمر الولاية من غير معارض كان على غيره متابعته من دون الحاجة إلى الانتخاب ، وإن وقع التزاحم ، فاللازم الأخذ بالمرجحات كما ورد في غير مورد في أبواب الفقه ، لانحصار الطريق فيه وعدم المناص عنه ، والناظر في هذا الأمر هو أهل الخبرة ولا حاجة إلى الانتخاب ، بل لا دليل عليه ، لما عرفت من عدم وجوده في رواياتنا ولا كتب فقهائنا . إن قلت : قد جرت سيرة العقلاء من الأمم على الانتخاب في أمر الولاية ، ويشمله أدلَّة الوفاء بالعقود ، وعموم تسلَّط الناس على أموالهم ( وبالأولوية على أنفسهم ) . قلت : جريان سيرتهم عليه إنّما هو لعدم اعتقادهم بتعيين إلهي من قبل الإمام المعصوم ( عليه السلام ) وأما نحن ، بعد قولنا به وفقاً للأدلَّة السابقة ، وإن الوظيفة هنا معلومة من قبلهم ( عليهم السلام ) وإن الولاية من جانب الله فقط لا يبقى لنا مجال لهذا الكلام .