الحدود يقضي إلى نشر الفساد وارتكاب المحارم ، وبما رواه عمر بن حنظلة وغير ذلك من الأحاديث الشاملة لإقامة الحدود وغيرها [1] . والظاهر أنهم ينظرون إلى إقامة الحدود كأحد مصاديق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وهو كذلك ، وقال الفقيه الماهر صاحب الجواهر ( قدس سره ) : « في جواز ذلك ( أي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا أدى إلى ( جرح أو قتل ) لنائب الغيبة مع فرض حصول شرائطه أجمع ، التي منها عدم الضرر والفتنة والفساد ، لعموم ولايته عنهم قوّة ، خصوصاً مع القول بجواز إقامة الحدود له ، وإن كان ذلك فرض نادر بل معدوم في مثل هذا الزمان » [2] . أقول : الحقّ ما ذكره هؤلاء الأعلام ، لما سيأتي إن شاء الله من الأدلة العامّة الدالَّة على ولايته في أمثال ذلك ، مضافاً إلى ما عرفت من الأدلَّة الدالَّة على جواز إجراء الحدود له ، الشاملة لما نحن بصدده ، بطريق أولى ( وقد مرّ الكلام فيه آنفاً في المقام الثّالث ) . وليعلم أن المراد بالجواز في جميع هذه المقامات هو الجواز بالمعنى الأعمّ الشامل للوجوب ، بل مصداقه هنا هو الوجوب ، لوجوب الوظيفتين كما لا يخفى . * * *
[1] مختلف الشيعة : ج 1 ص 159 . [2] جواهر الكلام : ج 21 ص 385 - وما أفاده من أنه فرض نادر في زمانه عجيب ، يدل على غلبة أهل الأهواء في عصره بحيث لم يمكن إقامة الحدود فيه أصلًا وليس كذلك في عصرنا بحمد الله تعالى .