وهنا قول ثالث وهو أن إذن الإمام شرط فيما كان الضرر مقصود ، أمّا إذا كان شبه الدفاع أو الصد الذي قد يحصل منها ضرر غير مقصود فلا ، ويظهر ذلك من المرتضى فيما رواه في المختلف عنه [1] . وقول رابع ، وهو التفصيل بين الجرح والقتل وإن الأوّل جائز ( بغير إذن الإمام ) دون الثّاني ، حكاه في الجواهر عن الشهيد الثّاني [2] . وقد يظهر من بعض الكلمات قول خامس ، وهو عدم حاجة القتل أيضاً على إذنه ( عليه السلام ) وأنه إذا وجب على الإمام ( عليه السلام ) وجب على غيره بحكم التأسي [3] . هذا ولكنّ الإنصاف عدم تجويز شيء من الضرب والجرح والكسر والقتل إلَّا بإذن الإمام ( عليه السلام ) لما في جواز ذلك على آحاد الناس من المفاسد العظيمة التي قد توجب الإخلال بالنظام والاضطرار ، لا سيّما إذا كان فيهم جهال لا يقفون على شيء ولا يعلمون مواقع الأمور ومقاديرها - والجاهل إمّا مفرط أو مفرّط - فإعطاء هذه الأمور بأيديهم يكون ضررها أكثر من نفعها ، و « كان ما يفسده أكثر ممّا يصلحه » ( كما ورد في الحديث ) بل قد يكون تدخل أفراد الناس في ذلك سبباً لإعمال البغضاء والشحناء من هذا الطريق ، والتطرّق إلى المقاصد السيئة تحت عنوان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، كما لا يخفى على من له خبرة بهذه الأمور ، فلا بدّ في جميع ذلك من الاستئذان من « ولي الأمر » وهو كما اشتهر في الألسن أن اليد التي يقطعها الحاكم لا دم له ! والتمسّك بإطلاقات الباب كالتمسك بإطلاق آية « حدّ الزنا والسارق » ممنوع بقرينة المقام .
[1] المختلف : ص 159 . [2] الجواهر : ج 21 ص 284 . [3] نفس المصدر : ص 285 .