وإن شئت قلت : يقع التعارض بين أدلَّة وجوبهما وأدلة حرمة إيذاء المؤمن وجرحه وقتله ، بل هو من قبيل التزاحم ، ومن المعلوم أن مقتضى القاعدة في المتزاحمين الأخذ بالأهم . ومن هنا يظهر الحال في المقام الثّاني ، وأنه يجب الأيسر ، فما دامت المواعظ الحسنة مؤثرة لا يجوز الإنكار بالكلمات الخشنة ، وما فيه هتك وتحقير وإيذاء ، وما دامت هذه مؤثرة فلا تصل إلى مرحلة الضرب ، وقد يكون الضرب أهون من بعض الكلمات الخشنة ، وهكذا الحال في الإقدام على الجرح أو الكسر أو القتل ، ويتفاوت جميع ذلك بحسب الأشخاص والمقامات . والدليل عليه ( وإن كان بعض كلماتهم مطلقة وظاهرة في عدم الترتب ) ما عرفت من التزاحم بين أدلَّة وجوبهما وأدلَّة حرمة الإيذاء واللازم الأخذ بالأهم ، وكذا بالأيسر ثمّ الأيسر . مضافاً إلى ما يظهر من الآية الشريفة في قتال طائفتين من المؤمنين فقد قال سبحانه : * ( وإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ الله ) * [1] . فقد ذكر فيها الإصلاح أولًا ثمّ القتال إذا لم ينفع الإصلاح . وكذا ما يظهر من بعض الروايات السابقة الظاهرة في الترتب . والعجب من بعض أعاظم العصر حيث ذكر في بعض كلماته أن الترتيب غير مذكور في روايات الباب ، وما أفيد من أن النسبة بينها وبين أدلَّة حرمة الإيذاء عموم من وجه ، منظور فيه ، فإن أنحاء الأمر والنهي ذكر فيها بالواو الظاهرة في عدم الترتيب ، وليس من قبيل العموم ، وأمّا الاستشهاد بالآية الشريفة فيشكل