إلَّا أن يرجع إلى واحد من العقود الشرعية كما حاول إرجاعها إليها جمع من الفضلاء فأدرجوه في العقود الشرعية حيث رأوه قابلًا للدخول تحت عنوان المضاربة ، كما ذكروا لذلك ضوابط وحدوداً ، وذلك بأن يصير البنك عاملًا وصاحب المال مضارباً والربح يقسّم بينهما ، لكن يرد على هذا البيان إشكالات أربعة : الأول : ما عليه بعض الفقهاء من اشتراط النقدين في المضاربة ، والأوراق ليست منها . وجوابه : ما عرفت من صحّة المضاربة بالنقود الورقية أيضاً لشمول عموم : * ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) * [1] لهذا النوع من المضاربة ، ولعدم قيام دليل على اعتبار هذا الشرط - تخصيصها بالنقدين - بعنوان كونها القدر المتيقن ، كما ذهب إليه البعض ، فإنّ دليل العموم لفظي لا لبّي ، فلا وجه للاقتصار فيه على القدر المتيقن ، هذا مضافاً إلى عدم إجماع تعبّدي في البين . الثاني : اشترط كثير من الفقهاء كون المضاربة في التجارة ، وأعمال البنوك لا تنحصر في التجارة ، بل هي أعمّ منها ، كتشغيل الأموال في المصانع وبناء المساكن وتعبيد الطرق والزراعة وغيرها . وجوابه : قد تبيّن ممّا تقدّم في الجواب عن الأوّل : من عدم قيام الدليل على اعتبار ما ذكروه إلَّا اقتصاراً على المتيقن . حيث رأوا - كما يظهر من كلماتهم - المضاربة مخالفة للأصول فأخذوا بالقدر المتيقّن ، مضافاً إلى ما تقدّم من شمول الدليل لجميع العقود إلَّا ما خرج بالدليل ، حسب ما تقتضيه القاعدة من صحّة جميع العقود العقلائية إلَّا ما خرج منها بالدليل ، ومع فرض عدم شمول عنوان المضاربة لها فلا أقلّ من كونها عقداً صحيحاً سواء أطلق عليها المضاربة أم لا . وأمّا الإجماع