من هذه العناوين حكم خاصّ أيضاً يأتي شرحه . فلنبدأ أولًا بذكر حقيقة الأموال المودعة بعناوينها الثلاثة المتقدّمة من زاوية كونها حساباً جارياً في البنك ، وفي ذلك احتمالات خمسة : 1 - يحتمل أن تكون الأموال المودعة في البنوك بشخصها - لا بماليّتها - أمانة ، ولذا يعبّر عنها بالوديعة . لكن يدفعه : أنّه ليس للودعي إلَّا الحفاظ على الأمانة ولا يجوز له التصرّف فيها ، والحال أنّ البنك يتصرّف فيها بشكل أو بآخر متى شاء ، بل كثيراً ما يتّفق له أن يستلمها من شخص ويدفعها مباشرةً لآخر في نفس المجلس ، وهذا أمر ينافي كونها أمانة . 2 - يحتمل أن تكون أمانات نوعية لا شخصيّة بمعنى أنّ المال بنوعه أمانة عند البنك لا بذاته ، فيكون أمانة بماليّتها لا بخصوصيّتها . أقول : إن كان المراد بهذا النوع من الأمانة صيرورة المال من قبيل الكلَّي في المعيّن ، فهو فاسد لأنّه قد يأخذ المال من أحد المشتركين ويدفعه بعينه لآخر ، فلا تبقى عين أمواله ليكون شريكاً في بعض أموال البنك بنحو الإشاعة ، أو الكلَّي في المعيّن ، أو يكون المالك مالكاً لمقدار معيّن من النقود ضمن أموال البنك بلا تعيّن لشخص ذاك المقدار بحيث لو تلفت جميع أموال البنك ولم يبقَ منها إلَّا مقدار ما أودعه فيه لكان ذلك المقدار ملكاً مختصّاً به دون البنك ، بخلاف ما لو كانت الشركة بنحو الإشاعة التي يكون التالف فيها من ملكهما بالنسبة المعيّنة . وإن كان المراد بهذا النوع من الأمانة كون المال المودع في ذمّة البنك وعهدته ، فهو حينئذ من قبيل ما يجوز التصرّف فيه بالعوض ، فيكون ديناً في ذمّة المتصرّف فيه ، فهذا تعبير آخر عن كونه قرضاً وليس بأمانة شرعية لعدم جواز إتلاف