الأدوات الحربية والأسلحة كانت بصورة بدائية وبسيطة لا تحتاج إلى علم خاصّ وكذلك الأمر بالنسبة للزراعة وبناء الأبنية وما شابه ذلك من مرافق الحياة . ولكن في زماننا أصبحت هذه الأمور أكثر تعقيداً حيث تحتاج إلى علوم مختلفة ، فالتقدّم والغلبة سواء في الحروب أو في شؤون ومجالات الأخرى للحياة إنّما يحصل بوجود كوادر علمية متخصّصة بفنون الأسلحة الحديثة والصناعات البديعة والآلات المستحدثة . فالمطلوب الكثرة من الناحية الكيفية وإن كانوا قلَّة من جهة العدد والكم ، فكم من فئة قليلة من العلماء والمتخصّصين بهذه الفنون في عصرنا غلبت فئة كثيرة جاهلة ضعيفة . نعم ، للإيمان بالله واليقين والصبر دوره الخاصّ الذي لا ينكر . ولذا نرى بعض الدول الغاصبة قد استولت على كثير من بلاد المسلمين بالرغم من قلَّة عدد نفوسها - بالنسبة للمسلمين - وذلك لتقدّمهم من الجهات المذكورة . ففي الواقع انقلب موضوع الحكم وتغيّر ، وتبدّل الموضوع سبب لتبدّل الحكم . فالأوْلى أن يقال إنّ الكثرة مطلوبة في عصرنا أيضاً ، ولكن بشرط اقترانها بالعلم والخبرة في سائر ميادين الحياة ، لا الكثرة بمجرّد العدد . وممّا يدلّ على أنّ الكثرة العددية كانت مطلوبة في فروض خاصّة هو تركيز الكلام في غير واحدة من الآيات على البنين دون البنات ، فقال تعالى في قصة نوح : * ( ويُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وبَنِينَ ) * [1] وقال تعالى في قصّة هود : * ( أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وبَنِينَ ) * [2] . 2 - ما نشاهده في بعض البلدان ، مثل الهند والصين من تزايد النفوس بشكل هائل بحيث عجزت حكوماتهم عن توفير الحدّ الأدنى من متطلَّبات الحياة