أبي جعفر ( عليه السلام ) من اختلاف جاريتين ولدت إحداهما ابناً والأخرى بنتاً كلّ واحدة منهما تدّعي الابن ، فتحاكما إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فأمر أن يوزن لبنهما وقال : أيّتهما كانت أثقل لبناً فالابن لها [1] ( والقصّة طويلة نقلناها بالمعنى ) . والظاهر أنّ الوجه فيه كون خلقة الذكور أشدّ من خلقة الإناث ، فالأوّل جنسٌ ثقيلٌ يناسبه الغذاء واللبن الثقيل ، والثّاني جنسٌ لطيفٌ يناسبه الغذاء اللطيف ، ومن حكمة الله تعالى إعطاء كلّ ذي حقٍّ حقّه فإنّه الذي : « أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى » . بل الظاهر أنّ اللبن بحسب الدقّة يتغيّر من حيث الوزن والأجزاء التركيبيّة كلّ يوم ، وفقاً لنموّ الطفل واقتضاء بدنه ! والحاصل أنّه حصل له العلم من هذا الطريق الدقيق بأنّ صاحبة اللبن الثقيل هي صاحبة الابن ، والأخرى صاحبة البنت ، فيجوز عمل القاضي بعلمه في أمثال هذا المقام . هذا ولكن غاية ما يستفاد منه جواز قضائه بما حصل له من طرق حسيّة أو قريبة من الحسّ كما في مورد الرواية لا أكثر ، وأنّى لنا إلغاء الخصوصية منها لتعمّ الطرق الحدسيّة ؟ ! 9 - ما ورد في قضاياه ( عليه السلام ) أيضاً بالإسناد السابق عن أبي جعفر ( عليه السلام ) : توفّى رجلٌ على عهد أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فخلَّف ابناً وعبداً ، يدّعي كلّ واحد منهما أنّه الابن ، وأنّ الآخر عبدٌ له ، فأتيا أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فتحاكما إليه ، فأمر ( عليه السلام ) أن يثقب في حائطِ المسجد ثقبين ، ثمّ أمر كلَّ واحد منهما أن يدخل رأسه في ثقب ففعلا ثمّ قال : يا قنبر جرِّد السيف ، وأشار إليه لا تفعل ما آمرك به ، ثمّ قال : اضرب عنق العبد فنحّى العبدُ رأسه ، فأخذه أمير المؤمنين ( عليه السلام ) . :
[1] الوسائل : ج 18 ب 21 من أبواب كيفية الحكم ح 6 .