والاقدام عليهم ، فتشريع الولاية لهم وإن كانوا فاسقين ليس منافيا لحكمة الله ولا مخالفا لسنته وقد ملأ قلوبهم المحبة وجبلهم على الشفقة والمودة . وثانيا بأنه يمكن أن يقال يجب على لحاكم عزل الولي ، أو ضم آخر عادل إليه إذا علم خيانة في مال المولى عليه ، وظهر سوء حاله وبان عدم رعايته لمصالحه فجعل الولاية للفاسق ومع وجوب عزله على الحاكم ، أو ضم غيره إذا ثبت خيانته ليس منافيا للحكمة ولا مخالفا للسنة وطريق العدالة ، فالاستدلال بحكم العقل لاعتبار العدالة غير تام ، ولكنه بناء على تمامية حكم العقل يكون كالقرينة المتصلة بالكلام فيمنع عن انعقاد الظهور في النصوص وشمولها للفاسق ، ويوجب انصرافها إلى العدول واختصاصها بهم وأما الاستدلال بالنقل فقد وقع في كلام صاحب الايضاح ، فإنه بعد ما ادعي الاستحالة من حكمة الصانع أن يجعل الفاسق أمينا يقبل اقراره ، و ينفذ أمره ، قال : مع نص القرآن على خلافه والمراد من نص الكتاب أما قوله تعالى " ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار " . كما أشار إليه في جامع المقاصد ، أو قوله تعالى ! إن جائكم فاسق بنبأ فتبينوا " كما احتمله آخر . والاستدلال بالآية الأولى يمكن أن يكون من وجهين : أحدهما إن الله تعالى نهى عن الركون والاعتماد إلى الظالم فلا يعقل أن يعتمد عليه ويركن إليه ، بأن يجعله وليا على الضعفاء من عباده ويفوض أمرهم إليه ، وثانيهما إن الفاسق الذي هو الظالم لو كان وليا يجب اعتماد الناس عليه ، وركونهم إليه ، بقبول اخباره ، فيما يتعلق بالتصرف في أموال ولده وقد نهى عن الركون إليه ، والاعتماد عليه ، وإلا يلزم لغوية ولايته وأما الآية الثانية ، فتقريب الاستدلال بها ، إن الأب الفاسق ، إذا كان وليا يجب تصديقه ، وعدم التفحص والتبين من أفعاله وأقواله ، وقد أوجب الله تعالى التبين والتفحص عن بناء الفاسق ، وهذا غاية تقريب الاستدلال بالآيتين . وأما الجواب عن الأولى ، إن ولاية الفاسق على ولده ، وابنه ونفوذ اقراره فيه كولايته على نفسه ، فالآية كما لا تشمل ولايته على نفسه فكذلك منصرفة عن