الوسائل وكذا الوافي ما فيهما من الأوهام كما ستقف عليها في المطاوي ، راعيا فيه الجمع بين الأخبار وأقوال القدماء ، وسمّيته ب « النّجعة في شرح اللَّمعة » [1] . فإنّ ذلك هي الطَّريقة الحسنى والجادّة الوسطى ، كما لا يخفى على اولي النّهى ، فإنّهم عليهم السّلام قالوا لمن سألهم عن تكليفه في الخبرين المختلفين المرويّين عنهم : « خذ بما اشتهر بين أصحابك ، ودع الشّاذّ النّادر » ، ويأتي في استحباب تقديم الرّجل اليسرى عند الدّخول في الخلاء واليمنى عند الخروج عدم نصّ فيه مع اتّفاق القدماء عليه ، فلا بدّ أنّه كان عندهم نصّ ، فلا يقولون إلَّا عن نصّ ، لا سيّما ابن بابويه الأوّل الذي جعل ابنه فتاويه بمنزلة النّصوص . ويأتي في حكم عرق الجنب من الحرام أنّ قول القدماء فيه حجّة ولو لم نقف لهم على نصّ فكيف إذا وجد ، وكذا في مسألة وقوع الحدث في أثناء الغسل ، وكذا في مسألة غسل إناء المسكر سبعا فلم يك ببال الشّيخ فيه في عنوانه نصّ فاستدلّ له بما لا يدلّ عليه وإن كان فيه ، وإن كان رواه بعد في الذّبائح والا طعمة . وكذا في تذكَّر زيادة الرّكوع قبل رفع الرّأس منه وبعده بالبطلان في الأخير دون الأوّل مع عدم وقوفنا فيه على نص ، فيكفينا فيه إفتاء القدماء فيه لا سيّما مثل الكلينيّ ، لكنّ ذلك منهم في من لا يراجع أخبار العامّة كالنّاصريّات في « من أمّ بغير طهارة » والخلاف في كثير من فتاويه ، وكذا المبسوط ، ومنها في أقسام صلاة الخوف فلا حجّيّة فيها . كما أنّ فهمهم حجّة ، فقالوا في خبر زرارة والفضيل ، عن أحدهما عليهما السّلام : « النّفساء تكفّ عن الصّلاة أيّام أقراءها الَّتي كانت تمكث فيها ، ثمّ تغتسل وتصلَّي كما تغتسل المستحاضة » : أنّ المراد من الأقراء العشرة ردّا على العامّة القائلين بالأكثر ، فلا وجه لقول العلَّامة ومن تأخّر بحمله على ظاهره ، فان القدماء لقرب عهدهم أبصر بمقاصدهم .
[1] في الصحاح : « النجعة : طلب الكلاء في موضعه » .