مجرد احتمال بدوي تجري فيه البراءة . 3 - أن يكون الاضطرار حادثا بعد التكليف وقبل العلم به في المعين : كما إذا اضطر إلى شرب الدواء أولا ثم علم إجمالا بوقوع النجاسة في أحد الإناءين قبل حصول الاضطرار . والمعروف في هذه الصورة عدم منجزية العلم الإجمالي أيضا إلا أن المحقق النائيني كان قد اختار في دوراته السابقة المنجزية ، لأنه قد تعلق العلم بثبوت التكليف قبل الاضطرار ، فلو كان في الطرف المضطر إليه فهو ساقط بسبب الاضطرار ، ولو كان في الطرف الآخر فهو باق لعدم عروض المسقط له ، لأن الشك - هنا - شك في سقوط التكليف بعد ثبوته وهو مورد لقاعدة الاشتغال . لكنه رجع عنه في دورته الأخيرة ، وأقام وجوها على بطلانه منها : إن هذا خلط بين الشك في تحقق الاضطرار المسقط للتكليف الثابت ، وبين الشك في ثبوت التكليف ، وسقوطه بالاضطرار ، وما نحن فيه من قبيل الثاني ، والذي هو مورد لقاعدة الاشتغال هو الأول [1] . 4 - الاضطرار إلى غير المعين : كما إذا اضطر إلى شرب أحد الإناءين بشكل غير معين ، وهنا لا فرق بين أن يكون الاضطرار قبل العلم أو بعده ، فللمكلف أن يشرب أحد الإناءين للاضطرار ، ولكن هل يحرم شرب الآخر للعلم الإجمالي أو لا ؟ المعروف هو وجوب الاحتياط ، وحرمة تناول الآخر ، لأن الاضطرار إنما تعلق بالجامع بين الفردين ( الحلال والحرام ) ، والمحرم - واقعا - هو أحدهما المعين ، فما هو المحرم غير مضطر إليه لترتفع حرمته بالاضطرار وما هو مضطر إليه ( أي الجامع ) غير محرم ، وبعد شرب أحد الإناءين يرتفع الاضطرار ويبقى الطرف الآخر على حرمته . ولكن خالف صاحب الكفاية المشهور - في ذلك - فالتزم بعدم منجزية العلم الإجمالي بسبب الاضطرار [2] .
[1] أجود التقريرات 2 : 265 . [2] الكفاية : 360 ط آل البيت .