تجب الموافقة القطعية أو لا تجب ، بمعنى أنه يجوز جعل الترخيص في بعض الأطراف ؟ ويرجع هذا السؤال - في الواقع - إلى السؤال عن أن العلم الإجمالي هل هو علة لوجوب الموافقة أو مقتض له لا أكثر ؟ فعلى الأول تجب الموافقة ولا يجوز الترخيص في بعض الأطراف ، وعلى الثاني تجب أيضا ولكن يجوز الترخيص فيها . وهنا مسلكان ذهب إلى كل منهما بعض : الأول - مسلك العلية ووجوب الموافقة القطعية : وهو الذي ذهب إليه المحققان صاحب الكفاية وتلميذه العراقي ، قال الأول : " وقد انقدح أنه لا وجه لاحتمال عدم وجوب الموافقة القطعية مع حرمة مخالفتها ، ضرورة أن التكليف المعلوم إجمالا لو كان فعليا لوجب موافقته قطعا ، وإلا لم يحرم مخالفته كذلك أيضا " [1] . وقال الثاني : " وأما الجهة الثانية : فالتحقيق فيها أيضا هو علية العلم الإجمالي لوجوب الموافقة القطعية على وجه يمنع عن مجئ الترخيص على الخلاف ولو في بعض الأطراف " [1] . الثاني - مسلك الاقتضاء وإمكان جعل الترخيص : وهو الذي ذهب إليه المحقق النائيني والسيد الخوئي والإمام الخميني والسيد الصدر . قال المحقق النائيني : " وأما الجهة الثانية - أعني وجوب الموافقة القطعية فالأقوى وجوبها أيضا ، لأنه يجب عقلا الخروج عن عهدة التكليف المعلوم بالإجمال ، وهو لا يحصل إلا بالاجتناب عن جميع الأطراف . نعم للشارع الإذن في ارتكاب البعض والاكتفاء عن الواقع بترك الآخر كما سيأتي بيانه . . . " [2] . ثم بدأ في بيان مختاره إلى أن قال : " والحاصل : أن الذي لا بد منه عقلا هو القطع بالخروج عن عهدة التكليف والعلم بحصول المؤمن من تبعات مخالفته ، وهذا كما يحصل بالموافقة القطعية الوجدانية
[1] كفاية الأصول : 359 ط آل البيت ( ع ) . [1] نهاية الأفكار 3 : 307 . [2] فوائد الأصول 4 : 24 .