وبما أن المكلف يعلم إجمالا بتوجه التكليف إليه ، وأنه سيستحق على تركه العقاب يندفع بفطرته إلى دفع هذا الضرر بامتثال التكليف ، ولا يحرز ذلك إلا بأحد هذه الأمور الثلاثة [1] . الثاني - إن مصدره العقل : وذلك بملاك ما استقل به العقل من لزوم شكر المنعم ، وهو يتحقق فيما نحن فيه بامتثال أوامر الشارع المقدس [2] . الثالث - إن مصدره الشرع : وعلى هذا يكون وجوبا شرعيا ، ولكن تارة يفرض هذا الوجوب نفسيا ، وتارة غيريا . 1 - الوجوب الشرعي النفسي : وهذا القول منقول عن المحقق الأردبيلي وبعض من تأخر عنه بلحاظ وجوب تعلم الأحكام وجوبا نفسيا ، لقوله تعالى : ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) [3] ، وقوله ( فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ) [1] ، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : " طلب العلم فريضة على كل مسلم " [2] ، وغير ذلك . ونوقش : بأنه لا دلالة في هذه على كون وجوب التعلم نفسيا ، بل هناك ما يدل على خلافه كما ورد من أنه يؤتى بالعبد يوم القيامة فيقال له : هلا عملت ؟ فيقول : ما علمت ، فيقال له : هلا تعلمت ؟ إذ المستفاد منه أن المؤاخذة على ترك التكليف لا ترك التعلم [3] . 2 - الوجوب الشرعي الغيري : ومعناه أن التعلم واجب مقدمة لامتثاله ، إذ الامتثال يتوقف على العلم بالتكليف ولا يتم إلا به ، وما لا يتم الواجب إلا به واجب . ولكن نوقش : 1 - بإنكار المقدمية بين العلم بالأحكام الواقعية وامتثالها ، لجواز حصول الامتثال من دون العلم بالتكليف ، إذ ليس