بل وربما اضطروا أن يفتوا بما يخالف رأيهم ويوافق المذاهب السائدة خوفا على شيعتهم . رابعا - فتح باب الاجتهاد : ومن مميزات مذهب أهل البيت عليهم السلام انفتاح باب الاجتهاد - بمعناه الصحيح - عندهم . والمقصود من الاجتهاد الصحيح هو عملية استنباط الأحكام الشرعية من الكتاب والسنة بمعونة القواعد الأصولية المستدل على صحتها وفقا للأسس الموضوعة للمذهب ، ولذلك لا يدخل القياس ، ولا الاستحسان ، ولا الاعتماد على الرأي الشخصي في عملية الاستنباط ، لبطلانها وخروجها بصورة موضوعية عن ذلك بعد تأكيد أئمة أهل البيت عليهم السلام على بطلانها ، وللبرهنة على ذلك مجال آخر . ومما جعل الاجتهاد - في مذهب أهل البيت عليهم السلام - يمتاز عن غيره ، هو صدور القواعد الأصولية والفقهية الكثيرة التي يعتمد عليها الاجتهاد من الأئمة عليهم السلام ، وخاصة الإمامين : محمد بن علي بن الحسين الباقر وابنه جعفر بن محمد الصادق عليهم السلام ، فإن الروايات الدالة على الاستصحاب ، والبراءة الشرعية ، وقاعدة اليد ، والسوق ، وأصالة الصحة ( أي حمل فعل المسلم على الصحيح ) ، وأصالة الطهارة ، وأصالة الحل ( الإباحة ) ، وقاعدتي لا ضرر ولا حرج ، وكيفية ترجيح الروايات المتعارضة ، وعشرات القواعد الأخر كلها دالة على إحاطة الأئمة عليهم السلام بهذه القواعد ، وتعليمهم الفقهاء لها وإن كانت العناوين والتسميات قد ظهرت بعد ذلك ، فالاستصحاب تدل رواياته على واقع الاستصحاب ، وهو جر الحالة السابقة ( من حيث الحكم أو الموضوع ) وإن لم يطلق عليه عنوان الاستصحاب آنذاك . وكان الأئمة عليهم السلام يربون تلاميذهم كلا في فرعه الخاص به ، فكانوا يعلمون الكلاميين منهم كيفية المناظرة ، والفقهاء كيفية الاستنباط ، فقد سأل الإمام الصادق عليه السلام سائل عن المسح على مرارة وضعها على ظفره المقطوع فقال عليه السلام :