أصالة الإباحة : المعروف بين الفقهاء هو التمسك بأصالة الإباحة في موارد الشك بين الحرمة والحلية ، ولكن هناك تشويش بين الإباحة الشرعية والعقلية ، فقد يقال : " الأصل إباحة الأشياء " ويراد بها الإباحة العقلية - أي حكم العقل بالإباحة مع غض النظر عن الشرع - وقد تقدم البحث عنها في الموضوع السابق ( الإباحة والحظر ) وقلنا : إن المعروف هو القول بالإباحة . وقد يقال : " الأصل إباحة الأشياء " ويراد بذلك إباحتها شرعا - أي بعد ورود الأوامر والنواهي شرعا - وهذه الإباحة تسمى " إباحة شرعية " . وقد ثبت من الشريعة نفسها : أن الأشياء على الإباحة حتى يرد فيها أمر أو نهي ، أو كل ما لم يرد فيه أمر أو نهي فهو على الإباحة . وبعد ثبوت الإباحة الشرعية ينتفي موضوع الإباحة العقلية - المبحوث عنها في العنوان السابق : ( الإباحة والحظر ) - وهو الشك في الحكم العقلي قبل ورود البيان الشرعي . وعلى أي حال فقد استدلوا على الإباحة الشرعية بالكتاب والسنة ، أما الكتاب : فبمثل قوله تعالى : ( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ) [1] ، وقوله تعالى : ( يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ) [2] ، وقوله تعالى : ( قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير ) [3] . وأما السنة : فبمثل مرسلة الصدوق عن الصادق عليه السلام : " كل شئ مطلق حتى يرد فيه نهي " [4] ، وقد استدل بها الصدوق [5] على جواز القنوت بالفارسية ، لعدم ورود النهي عن ذلك . وبمثل صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال : " كل شئ فيه حلال وحرام فهو لك حلال أبدا حتى تعرف الحرام منه " [6] .
[1] البقرة : 29 . [2] البقرة : 168 . [3] الأنعام : 145 . [4] الفقيه 1 : 317 ، الحديث 937 . [5] نفس المصدر . [6] الوسائل 12 : 59 ، الباب 4 من أبواب ما يكتسب به ، الحديث 1 .