ومن هنا يظهر أنّ جواز الاستماع مقدمة للردّ لا يتوقف إثباته على الأخذ بخبر المصباح بل يمكن بنفس أخبار الرد أيضا ، وكيف كان فالمهمّ بيان مراتب الانتصار . وتفصيل القول فيه أنّه بعد عدم إمكان النهي عن أصل الغيبة واستماع القضية يدور الأمر في انتصار المغتاب - بالفتح - بين تصديق أصل القضية والصيرورة بصدد توجيهها وتصحيحها على وجه يبرئ ذيل المغتاب - بالفتح - عن لوث المعصية وبين تكذيب أصل الوقوع . ومن المعلوم أنّ الانتصار في الأوّل أزيد من الثاني إذ عليه ينحسم مادة الخيال الفاسد عن ذهن القائل وغيره من سائر المستمعين ، فإنّه حسم على كلّ من تقديري الوقوع والعدم ، والثاني حسم بالنسبة إلى غير القائل وعلى تقدير واحد ، فيبقى تقدير الوقوع كما يدّعي القائل رؤيته ومشاهدته خاليا عن الحسم والدفع ، فهذا هو الواجب أوّلا ، وبعد عدم إمكان ذلك أيضا بواسطة عدم قابلية القضية للتوجيه والتصحيح ، فحينئذ إن كانت قابلة للتكذيب ولم يكن هناك قرينة قطعية على صدقها .