نعم لو ترتّب على بقاء المغتاب على المعصية مفاسد أخر غير تعذّبه في الآخرة من إضلال الناس وإشاعة الفساد في الأرض وأمثال ذلك ، فلا إشكال أيضا في دفعها بالغيبة إذا انحصر بها . اللَّهمّ إلَّا أن يقال : إنّ المتبادر من أدلة حرمة الغيبة ما كان بعنوان الإساءة من المغتاب - بالكسر - بالنسبة إلى المغتاب - بالفتح - ، ولا يخفى أنّ من غرضه من الاغتياب ارتداع المغتاب عن معصية اللَّه وعوده إلى الصلاح ففعله عين الإحسان إليه ، بل من أوضح أفراده فلا يلاحظ حينئذ الأهميّة . نعم يعتبر انحصار طريق الردع بالغيبة إذ مع عدمه لم يكن وجه لهتك عرضه مع إمكان الإحسان مع حفظه . الرابع : حسم مادّة الفساد والدفع عن انتشاره وسرايته بين الناس كتحذير الناس عن المبدع ، وقد عرفت التصريح في خصوص المبدع بالاستثناء ، بل تقدم في الثاني والأربعين ترخيص بهتانه أيضا . الخامس : جرح الشهود والرواة والشهادة على الفاحشة التي توجب الحدّ لإجرائه ، كلّ ذلك لثبوت الإجماع لو لم نقل بأنّ المصلحة في حفظ الأموال والفروج والدماء والأحكام الشرعية والحدود أهمّ في نظر الشارع من مصلحة ترك هتك المؤمن ، بل هو المتيقّن في بعض المذكورات ، ومن ذلك يظهر الحال في القدح في المقالة الباطلة في المسائل الاجتهادية إذا كان موجبا لقدح في القائل . واعلم أنّ المستفاد من الخبر الثالث والأربعين أنّ الغيبة قد أخذ في مفهومها أن يكون قصد القائل نقص المقول عنه بوجه فاسد ، فمهما كان القصد صحيحا مثل بيان الحقّ من الباطل وغيره من الأغراض الصحيحة المتقدّمة منها وغيرها ، فهو خارج عن الغيبة موضوعا ، فلا حاجة إلى ملاحظة قاعدة التزاحم أصلا ، فلو كان السند سليما موثوقا به تعيّن الأخذ به وهو منقول عن مصباح الشريعة ،