ومن أنواع ما يحرم التكسّب به على ما ادّعي عليه الإجماع في كلام جماعة : ما يجب على الإنسان فعله عينا أو كفاية تعبّدا أو توصّلا . وليعلم أنّ محل الكلام ما إذا كان الواجب عملا له نفع بحال الغير حتّى يصحّ جعله موردا للإجارة ، فإنّها أيضا مبادلة مال بمال كالبيع . غاية الأمر إنّ المال الأوّل هنا لا بدّ أن يكون منفعة وفي البيع عينا ، ومن المعلوم أنّه لو لم يكن في العمل منفعة عقلائية في حقّ الغير ، لم ينتزع منه المالية . ويمكن دعوى أنّ كلّ عمل واجب لا محالة واجد لهذا المعنى ، فإنّه لا أقلّ من كون المنفعة عبارة عن عدم معصية اللَّه تعالى بترك ما أوجبه ، ولا يلزم كون المنفعة في باب الإجارة عائدة إلى نفس المستأجر بلا واسطة ، بل يكفي ولو عادت إلى صاحبه وصديقه ، فكيف إذا كانت عائدة إلى مولاه الحقيقي مالك الدنيا والآخرة . وكيف كان ، فاشباع الكلام في المقام يكون في طي ثلاثة مقامات : الأوّل : في تصوير وقوع مطلق الواجب تحت الإجارة ، أعمّ من التوصّلي ، والتعبّدي ، والكلام في عدم منافاة العبادية مع أخذ الأجرة . والثاني : في الوجوه المتصوّرة في إيقاع الواجبات التعبّدية عن الميّت والكلام في إمكانها عقلا . والثالث : في تصحيح الإجارة على تلك الوجوه .