نام کتاب : المقاصد العلية في شرح الرسالة الألفية نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 85
وذهب المصنّف في بعض تحقيقاته إلى الاكتفاء بنيّة رفع الحدث بناء على أنّ المراد منه هو المانع ، ولو لا ارتفاعه لما أبيحت الصلاة ، أو بحمله على الحدث السابق ، والمتأخّر من الحدث معفوّ عنه وإن لم ينو إباحته ، بل لا يكاد يعقل نيّة الإباحة منه قبل وقوعه ، وإنّما هو عفو من اللَّه تعالى [1] . وهذا القول ليس بعيدا من الصواب ، فإنّا لا نعقل من الحدث إلَّا الحالة التي لا يصح معها الدخول في الصلاة ، فمتى أبيحت الصلاة زالت تلك الحالة ، فارتفع الحدث بالنسبة إلى هذه الصلاة ، بمعنى زوال المانع وإن بقي في غيرها . وأيضا فإنّ النيّة إنّما تؤثّر في الإباحة من الحدث السابق عليها كما قلناه ، لا المتأخّر إذ لم يعهد ذلك شرعا ، والمتأخّر مغتفر في هذه الصلاة ، والسابق لا مانع من رفعه بالنيّة ، وأولى بالصحة ما لو نوى رفع الحدث الماضي لإمكانه واغتفار الطارئ . فإن قيل : مع الإطلاق يكون الرفع مشتركا بين رفع الماضي ورفع الأثر المانع مطلقا ، وصرف المشترك إلى أحد معنييه لا يجوز بغير قرينة لأنّه صرف إلى بعض المعنى . قلنا : الإطلاق ينصرف إلى رفع القدر المانع من الدخول في الصلاة الذي يمكن رفعه بالطهارة ، وقد تقرّر أنّ ذلك ليس إلَّا السابق ، ولو سلَّم أنّه الجميع لكان المرتفع القدر المشترك بينهما ، لا أحدهما ، ولا كلّ واحد منهما . وأما تخصيص الحدث بنفس الأثر المانع والاستباحة بالمنع وتجويز انفكاك أحدهما عن الآخر ، فهو اصطلاح خاص ، وليس في الدليل النقلي ما يدلّ عليه ، بل إنّما اقتضي كون المراد بالحدث هو الحالة المانعة من العبادة ، وبالإباحة إزالتها ورفعها . غاية ما في الباب أنّها قد ترتفع مطلقا بالنسبة إلى جميع الصلوات ، وقد ترفع بالنسبة إلى صلاة واحدة ، وهذا لا يكفي في تخصيص كلّ قسم باسم بحيث لا ينصرف إلى غيره وإن كان الوقوف مع المشهور أولى . واعلم أنّ عطف دائم الحدث على المستحاضة من باب عطف العامّ على الخاصّ ،