نام کتاب : المقاصد العلية في شرح الرسالة الألفية نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 36
فإن قيل : الكافر يسقط عنه قضاء العبادة وإن كان قد تركها ، والمخالف إنّما تسقط عنه إعادة ما فعله صحيحا دون ما تركه ، بل يجب عليه قضاؤه إجماعا ، وذلك قد يدل على الصحة . قلنا : هذا إنّما يدل على عدم المساواة بينهما في الحكم شرعا ، لا على صحة فعله على ذلك الوجه ، ولعلّ السرّ في ذلك - مع النّص [1] - أنّ الكافر لا يعتقد وجوب الصلاة ، فليس عنده في تركها جرأة على اللَّه تعالى ، فأسقط ذلك الإسلام بالنّص والإجماع . بخلاف المخالف فإنّه يعتقد وجوبها والعقاب على تركها ، فإذا فعلها على الوجه المعتبر عنده كان ذلك منه كترك الكافر ، بخلاف ما لو تركها فإنّه قادم على الجرأة والمعصية للَّه تعالى على كلّ حال ، فلا يسقط عنه القضاء ، مع دخوله في عموم : « من فاتته فريضة فليقضها كما فاتته [2] » . ويؤيّد ذلك حكمهم بعدم إعادة ما صلَّاه صحيحا بحسب معتقده وإن كان فاسدا عندنا ، واستشكالهم في عدم إعادة ما صلَّاه صحيحا عندنا مع فساده عنده ، ولو كان السبب هو الصحة كان الجزم بهذا الفرد أولى من عكسه . وقد استشكل بعض الأصحاب في سقوط القضاء عمّن صلَّى منهم أو صام لاختلال الشرائط والأركان ، فكيف يجزئ عن العبادة الصحيحة مع وقوع الاتفاق ودلالة النصوص على بطلان الصلاة بالإخلال بشرط أو فعل مناف من غير تقييد [3] . وهذا الإشكال يندفع بالنّص الدال على السقوط وما وقع منهم ليس مجزئا عن الصحيح ، وإنّما أسقط اللَّه تعالى عنهم إعادة ما أخلَّوا بفعله على وجهه تفضّلا منه بسبب الإيمان الطارئ ، فلم يؤاخذهم على ما سبق . وعلى تقدير إثابتهم [4] على ذلك فهو على سبيل التبعيّة للإيمان ، لا لكونه صحيحا في نفسه . وفي هذه المسألة