نام کتاب : المقاصد العلية في شرح الرسالة الألفية نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 197
فظهر أنّ إطلاق القبلة أولى من تقييدها بالركن العراقيّ ، كما فعله العلَّامة في المنتهى [1] والنهاية [2] ، وتبعه عليه الشارح المحقّق رحمه اللَّه [3] . إذا تقرّر ذلك فنقول : قد ظهر لك اختلاف هذه العلامات الموجب لاختلاف جهة الكعبة بالنسبة إلى العراقي ، وطريق الجمع بينها يحصل بأحد أمرين : أحدهما : - وهو الموافق للأصول المقرّرة في استخراج سمت القبلة المترتّبة على اختلاف البلدان في العروض والأطوال المبيّنة في الهيئة وغيرها - حمل العلامة الأولى على أوساط بلاد العراق ، كالكوفة وبغداد والمشهدين والحلَّة ، فإنّ سمت قبلتها يميل عن نقطة الجنوب نحو المغرب ميلا بيّنا لزيادتها على مكَّة المشرّفة طولا وعرضا ، وهو موجب لذلك وموافق أيضا لمحراب مسجد الكوفة الذي قد صلَّى فيه الأئمّة عليهم السّلام . وحمل الثانية على أطراف العراق الغربية كالموصل والجزيرة ، فإنّها تقارب مكة في الطول مع كونها أعرض منها . وذلك يقتضي كون قبلتها نقطة الجنوب ، كما هو معلوم في محلَّه وأحد الأقسام الثمانية لنسبة البلد المطلوب سمتها إلى مكَّة . ومثلها العلامة الثالثة التي ليست في الرسالة ، وإنّما تركها المصنّف للاستغناء عنها بالثانية ، ويبقى على هذا الوجه قبلة أطراف العراق الشرقيّة كالبصرة يقتضي زيادة انحراف نحو المغرب عن قبلة الوسط ، وقريب منها بلاد خراسان وإن كان التحقيق احتياجهم إلى زيادة تغريب ، لكنه لا يبلغ نقطة المغرب ، بل تقرب من نصف ما بينها وبين نقطة الجنوب . والوجه الثاني من وجهي الجمع أن يسوغ الاعتماد على كلّ واحد من هذه العلامات في سائر بلاد العراق ، ويغتفر هذا التفاوت في اعتبار الجهة ، فإنّ مسامتة البعيد لا يؤثّر فيها هذا الاختلاف .