نام کتاب : المقاصد العلية في شرح الرسالة الألفية نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 195
واعلم أنّ هذه العلامات الثلاث موجودة في كتب الأصحاب للعراقي بقول مطلق ، والموجود منها في النصوص هو الأوّل خاصة ، والباقي استخرجوه بالمقايسة عليها ، وكذا باقي العلامات لأهل الجهات غير منصوص ، وإنّما أخذوه من مقاييس الهيئة ونحوها من العلوم المفيدة لذلك ، كما اعترف به المصنّف [1] وغيره . وأنت إذا تأمّلت هذه العلامات الثلاث وجدتها مختلفة اختلافا بيّنا على وجه يوجب العمل بإحداهما مخالفة الأخرى . وتوضيح ذلك أنّ العلامة الأولى إذا اعتبرها المصلَّي ، وجعل الجدي حال استقامته خلف المنكب الأيمن ، وهو مجمع عظم العضد والكتف ، يكون منحرفا عن نقطة الجنوب نحو المغرب انحرافا بيّنا لما مرّ من أنّ الكوكب في غاية ارتفاعه يكون على دائرة نصف النهار المارة بنقطتي الجنوب والشمال ، فيكون حينئذ جعل الجدي بين الكتفين موجبا لاستقبال نقطة الجنوب ، وكون المغرب والمشرق على اليمين واليسار . فإذا جعل الجدي خلف المنكب الأيمن ، كان الوجه منحرفا عن نقطة الجنوب نحو المغرب . والثانية إن اعتبر فيها اعتدال الجهتين ، اقتضت كون المصلَّي عند جعلهما على اليمين واليسار مستقبلا لنقطة الجنوب لما مرّ من تقاطع الجهات الأربع على زوايا قوائم ، فيختلف مدلولا العلامتين . وإن اعتبرنا في المشرق والمغرب جزء مخصوصا منهما بحيث يناسب العلامة الأولى ، لم يكن للثانية فائدة ، بل ذلك غير مراد ، فإنّ الأصحاب بين مطلق للجهتين - وظاهر أنّه أعمّ من الجزء المفروض - وبين مقيّد لهما بالاعتدالين ، فتلزم المخالفة . وإن اعتبرتا عامّتين ، وأريد بهما ما هو أوسع من الاعتدالين ، كما هو المفهوم منهما عرفا ، كانتا موافقتين للأولى تارة ومخالفتين لها أخرى . بل ربما أمكن مخالفتهما لها أضعاف ما تقتضيه حالة الاعتدال ، بأن يجعل آخر جزء من المغرب إلى جهة الجنوب على يمينه ، وآخر جزء من المشرق إلى جهة الشمال على يساره . وهذا غير مراد قطعا ،