نام کتاب : المقاصد العلية في شرح الرسالة الألفية نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 177
وهذا أيضا غلط فاحش ، فإنّ الشمس إنّما تسامت الرأس يوما واحدا ، ثم تميل عنه . والذي دلَّت عليه البراهين المقرّرة في محلَّها من هذا العلم ، وصرّح به أهل هذه الصنعة كالمحقّق نصير الدين الطوسي وغيره ، أنّ الشمس تسامت رؤس أهل مكَّة وصنعاء مرّتين في السنة . لكن ليس ذلك في يوم واحد لشدّة ما بين البلدين من الاختلاف في العروض ، وإنّما يكون في صنعاء عند كون الشمس في الدرجة الثامنة من برج الثور صاعدة ، ثم تميل عنه نحو الشمال ، ويحدث لها ظلّ جنوبي إلى أن ينتهي وترجع إلى الدرجة الثالثة والعشرين من برج الأسد بحيث يساوي ميلها لعرض البلد وهو أربع عشرة درجة وأربعون دقيقة . وأين ذلك من مناسبة ميل الشمس الأعظم في أطول الأيّام ، وهو أربع وعشرون درجة مجبورة الدقائق . وأمّا مكَّة فعرضها إحدى وعشرون درجة وأربعون دقيقة ، فمسامتة الشمس لرؤوس أهلها تكون أيضا قبل انتهاء الميل بأيام كثيرة ، وذلك حين يكون مناسبا لعرضها ، فتسامت رؤس أهلها مرّتين أيضا صاعدة وراجعة . والذي حقّقه أهل هذا الشأن أنّ ذلك يكون عند الصعود في الدرجة الثامنة من الجوزاء ، وعند الهبوط في الدرجة الثالثة والعشرين من السرطان لمساواة الميل في الموضعين لعرض مكَّة ، وفيما بين هاتين الدرجتين من الأيام إلى تمام الانتهاء يكون ظلّ الشمس جنوبيا . والأولى التمثيل لأطول أيام السنة بمدينة الرسول صلَّى اللَّه عليه وآله ، فإنّ عرضها يناسب الميل الأعظم للشمس وإن خالفه بدقائق لا يكاد تظهر للحسّ ، فتدبّر هذه الجملة واتّبع طريق الرشاد ، وفقنا اللَّه وإياك للسداد . وقد أشبعنا القول في هذه المسألة في شرح الإرشاد [1] ، فراجعه فإنّك لا تجده في غيره من الكتب .