أنه لو كان عنوان العمل منحفظا في البين تجري قاعدة الفراغ بخلاف ما إذا لم يكن كذلك مثل أن يصلى إلى طرف معين بظن أنه قبلة ثم شك بعد الصلاة في إنه هل طابق مع القبلة أم لا أي هل كان الطرف قبلة أم لا ففي هذا المثال صورة العمل منحفظة وهي العلم بأن الصلاة كانت إلى جهة كذائية ومثل ما إذا صلى إلى طرف بظن إنه قبلة ثم شك بعد إتيان الصلاة بأنه هل كانت الجهة قبلة وشك في إنه صلى بأيّ جهة من الجهات ففي هذا المثال صورة العمل لا تكون منحفظة لأنه لا يدرى أنه صلى إلى أي طرف من الأطراف . وبعبارة أخرى في صورة الانحفاظ يكون الشك في أنه طابق صلاته مع القبلة أم لا وفي صورة عدمه يكون الشك في انطباق القبلة على صلاته ولا يخفى أنه لا يكون الاشكال من جهة الالتفات وعدمه . أما الدليل على الاختصاص على زعمهم فهو إن الروايات منصرفة [1] عن هذه
[1] أقول أنه لم يبين الأستاذ مد ظله وجه الانصراف ولكن ما أفهم من كلامه ويمكن أن يكون وجه الانصراف في المقام هو إن قاعدة الفراغ في العبادات تكون مثل أصالة الصحة في المعاملات وهي أصل عقلائي فإن الناس مع قطع النظر عن الشرع أو مع النظر إليه يكون لهم بناء على صحة أعمالهم إذا شكوا في صحته وسقمه بعد ما فرغوا من العمل وقد مضى فان كانوا متشرعين أيضا فبعد الفراغ إذا شكوا في إتيان العمل على وجهه أم لا يبنون على الصحة وهي في العبادات تكون اسمها قاعدة الفراغ لأنه في بعض الروايات يكون لفظ الفراغ بهيئات مختلفة فأمضى الشارع بها ما يكون دأبهم في غيرها فعلى هذا يمكن بيان الانصراف الذي ادعوه . فنقول العرف في أعمالهم العرفية مثل المعاملات وأمثالها يكون بنائهم على أنه إذا كانت معاملتهم معلومة الوجه مثل أن يعرف البائع المشتري وما كان مورد المعاملة ومقدار الثمن فإذا شكوا بعد الفراغ ومضى العمل لا يبنون على الصحة بل يرجعون ويتفحصون وأما إذا لم يعلموا ذلك بان كانت صورة المعاملة وموردها مجهولة فيبنون على الصحة . ثم إنه بعد بيان وجه الانصراف نقول كما عليه الأستاذ لا يفرقون العقلاء بين الموارد كما نرى سيما إذا كانوا عالمين بالالتفات حين المعاملة .