فيجب التيمم لعدم وجدان الماء هذا مقتضى ظاهر الرواية . أما بيان المسألة فيجب أن يكون تارة بما هو مقتضى القواعد مع قطع النظر عن الرواية وتارة بما هو المستفاد منها حتى نرى إن الحكم بوجوب الإراقة هل يكون للتوسعة ودفع الحرج أو من باب التعبد فنذكر هنا للجهتين . الجهة الأولى لا شبهة ولا ريب على مقتضى القواعد في أنه إذا كان أحد المائين بقدر يمكن معه تطهير الموضع بعد الوضوء بالماء الأول ثم الوضوء به ثانيا فيمكن الامتثال الإجمالي وهو واجب عند عدم القدرة على الامتثال التفصيلي . لا يقال إن الروايات الدالة على وجوب الإراقة يفهم منها إن الوضوء له حرمة ذاتية وإلا فلا وجه للإراقة لأنه يمكن الحيلة بما ذكر لتصحيح الوضوء فيكون الباب من دوران الأمر بين المحذورين ولا يكون الحكم بحرمة الوضوء من باب تغليب جانب الحرمة لقولهم دفع الضرر أولى من جلب المنفعة بل لان الوضوء لا يكون له مصلحة في هذا المورد كما كشفناه من موارد أخر مثل ما ورد في رواية أبي يعفور ( في باب 3 من أبواب التيمم ح 2 ) عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام قال إذا أتيت البئر وأنت جنب فلم تجد دلوا ولا شيئا تغرف به فتيمم بالصعيد فان رب الماء هو رب الصعيد ولا تقع في البئر ولا تفسد على القوم مائهم فإنه لرعاية قاعدة أخلاقية وهي عدم إفساد الماء على القوم حكم بالتيمم فيعلم إن مصلحته يكون غير مؤكدة لأنا نقول مع اشمئزاز الطبع بان يكون حرمة ذاتية في الوضوء بهذا الماء يمكن أن يكون عدم وجوبه لرفع الحرج النوعي فإن الوضوء بهذا النحو وإن كان يمكن ولكن لا يخلو غالبا عن الحرج وهو مناطه النوع فيمكن أن يكون بالنسبة إلى شخص من الأشخاص غير حرجي فيجب وإذا شك في إنه حرج أم لا يمكن إتيانه برجاء الواقع ولا يكون من التشريع المحرم والأمر بالإراقة يكون للإرشاد كما سيجيء . لا يقال على فرض صحة الوضوء كذلك لو قلنا بان البدن يكون مبتلى بالنجاسة فلا يمكن قصد التقرب في الصلاة ببدن نجس بواسطة الاستصحاب .