الإهمال يؤخذ بالقدر المتيقن وعلى غيره بالإطلاق . فنقول أما الشرط الأول وهو عدم تغيره في الأوصاف الثلاثة فلا خلاف فيه بل ادعى الإجماع عليه والدليل عليه هو العمومات التي دلت على نجاسة الماء بالتغيير حتى في صورة العاصمية مثل الكر والجاري فإنه بعد حكم الشارع بنجاسة العاصم مع عاصميته فكيف يمكن القول بإطلاق دليل ماء الاستنجاء مع إنه قليل وتغير وأما لو فرض الجمود على ظاهر الدليل فيعارض مع دليل الانفعال بالتغيير ولا بد من ملاحظة النسبة فأقول لا شبهة في إن التغيير يحصل بالآن الأول من الملاقاة فإذا فرض أغلبية ذلك فانصراف دليل الاستنجاء عنه يوجب حمله على الفرد النادر ومع ذلك لا فائدة في الاستدلال بان هذا لا يكون أعظم وأقوى من العاصم ولكن الكلام [1] في الغلبة وهي ممنوعة فلا يشمل الإطلاق المقام وإذا وصلت النوبة إلى المعارضة فنلاحظ إن دليل انفعال المتغير عام ودليلنا على طهارته مطلق فإذا دار الأمر بين العام والمطلق فالعام مقدم كما حرر في الأصول لأن دلالة العام على افراده بالوضع ودلالة المطلق بمقدمات الحكمة ومن مقدماتها عدم البيان ولما فرضنا دلالة العام بوضع فيصير بيانا فاللابيان مع البيان لا يعارض ولو فرضنا الإطلاق في كلا الطرفين فإطلاق دليل المتغير يقدم للأظهرية وملاك الأظهرية هو الحكم بنجاسة المتغير من العواصم أيضا فشمول دليل طهارة ماء الاستنجاء لصورة التغير غير وجيه ففي صورة الاجتماع يقدم دليل المتغير بعد صيرورتهما عامين من وجه أذى مورد اجتماعه ماء الاستنجاء المتغير ومورد افتراق دليل المتغير ، المتغير غير الاستنجاء ومورد افتراق مقابله الاستنجاء الغير المتغير .
[1] أقول إن ممنوعية الغلبة وإنكارها غير وجيهة لأن الناس غالبا يصيرون متلوثا بالعذرة ولو قليلا فغسالة الاستنجاء يصير متغيرا ومن لا يكون كذلك يكون من الفرد النادر ولكن الاشكال يرفع بان نقول مناط التغير لا يكون في الآن الأول بل بعد تمام الطهارة والتغيير في هذه الصورة قليل جدا نعم إذا وقع الثوب في الآن الأول مع التغيير فيها فينجس .