ولا دليل لنا على الطهارة مع الدليل على انفعال القليل . الكبرى الثانية إنه يشترط في المطهر أن يكون طاهرا فكيف يمكن أن يكون النجس سببا للطهارة . وفيه إن المسلم من هذا أنه يشترط الطهارة قبل الاستعمال أما بعده فلا يساعده الدليل . الكبرى الثالثة هي إن التناسب بين العلة والمعلول شرط ولا يمكن أن يكون شيء علة لضده فان الماء إذا لاقى النجس ينجس لا محالة فكيف يمكن أن يكون في هذا الحال مطهرا سواء كانت الطهارة والنجاسة ضدين أو نقيضين فلا بد أما من رفع اليد عن هذه القاعدة أو القول بان القليل لا ينفعل والأول محال فيتعين الثاني . وقد أجاب عن هذا الاشكال شيخنا الأستاذ النائيني ( قده ) بأنه لا سببية تكوينا في باب التشريعيات فان خروج المنى لا يكون سببا في عالم التكوين لوجوب الغسل ودلوك الشمس لا يكون سببا لوجوب صلاة الظهر وكذلك فيما نحن فيه صب الماء لا يكون علة للتطهير فكلما يرى من ظاهر دليل الشرع إنه يكون علة معناه إنه ظرف لهذا أي الجنابة والدلوك وصب الماء ظرف لوجوب الغسل والصلاة وحصول الطهارة فلا غرو أن يكون الماء النجس ظرفا لحكم الشارع بحصول التطهير وجعله فإن الأمور بيده يجعل ويرفع . وفيه إن هذا الجواب لا يرفع الإشكال لأنه على فرض قبول مبناه في الأصول بأنه لا علية تكوينا في باب التشريعيات ولم نقل أنه خلاف التحقيق لا ينفع فيما نحن فيه لأنه ولو لم يكن علية تكوينا بين الطهارة وصب الماء ولكن كيف يمكن أن يكون ما هو النجس علة لجعل ضده وهو الطهارة [1] .
[1] أقول إنه لا استبعاد في ذلك بعد قبول إنه لا تكون في باب التشريع علية تكوينية لأن هذا ظرف لا دخالة له في المظروف وعلة الجعل تكون ملاكات الاحكام في الواقع الا أن يدعى إن الطهارة في نظر الشرع هي النظافة في نظر العرف ونحن نرى بالوجدان إن الماء يكون سببا تكوينا لحصول النظافة وهذا في الواقع هو إنكار المبنى في هذا الباب وأما إن قلنا إنه غير النظافة العرفية فلا إشكال في الجعل في هذا الظرف ولكن الإنصاف إن الطهارة في نظر الشارع هي النظافة في نظر العرف مع جعل خصوصية وهي أنه يلزم التعدد أم لا لأنه عالم بالخفيات من الأمور وبشدة بعض الميكروبات والقذارات بحيث تحتاج إلى الغسل أزيد من غيرها .