بقاء السببية التي من الأحكام الوضعية المجعولة حيث ان الشارع جعل التغير سببا للنجاسة ولكن لم يعلم كيفية جعله بأنه جعل حدوثه فقط سببا لها أبدا ولو لم يكن له بقاء أبدا أو جعله حدوثا وبقاء سببا لها كما يقال في باب المشتق في آية : « لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ » فعليه استصحاب بقاء السببية لا مانع عنه جدا فيترتب عليه أثرها من النجاسة وغيرها كما لا يخفى فزوال التغير في القليل بغير العاصم لا يوجب الطهارة نعم إذا قلنا بأنه بملاقات النجاسة لا ينجس إلا إذا تغير كالكر كما ذهب إليه بعض العلماء فحينئذ حاله كحال الكر المتغير الزائل تغيره بغير العاصم وقد عرفت ان المشهور ذهبوا إلى عدم كفاية زوال تغيره بغير العاصم ونسب إلى جماعة بكفاية زواله بنفسه ولو لم يتصل بالعاصم قياسا بمثل الخمر وماء العنب والتمر المغلي والخل وان لم يعرف القائل به منا صريحا إلا القاضي قده وكيف كان فالأقوى في المسئلة هو خيرة الأصحاب المشهور والمنصور ويدل عليه وجوه الأول الإجماع المتكاثر في الكلمات بل الإجماع بقسميه عليه والثاني استصحاب بقاء السببية كما حررنا في السابق فراجع والثالث استصحاب بقاء نجاسة ذاك الماء الشخصية وجعل التغير من الجهات التعليلية دون التقييدية والرابع ان موضوعات الاستصحاب تارة عقلي وأخرى عرفي وثالثة شرعي المعبر عنه بلسان الدليل وفي المقام ان الموضوع هو العرفي وانهم يرون التغير وعدم التغير من الحالات وان الموضوع هو نفس الذات وان الموضوع عندهم باق بعده أيضا والخامس ان قياس المتغير بالخمر أو الغليان أو الخل قياس مع الفارق حيث في المقام موضوع الحكم جعلي من الشارع فيتكلم فيه هل القيد تعليلي أو تقييدي وهل يرجع إلى العرفي كما أومأنا أم لا وهل جعله بنحو الحدوث أو حدوثا وبقاء بخلاف كون تلك الأمور موضوعا فإنها من الموضوعات الصرفة ولا ينال يد الشرع إليها وهذا هو المراد من الدليل بأن النجاسة في الماء المتغير ثبت بوارد فلا يزول الا بوارد وذلك بخلاف ثبوت النجاسة في غير الوارد فإنها يزول بغير الوارد لاستحالة بقاء الحكم بدون العلة والا يلزم بقاء العرض بلا موضوع لأنه غير مرتبط بالشرع لا حدوثه