وهذا المطلب ذكره السيد الطباطبائي ( رحمه الله ) [1] في حاشيته في مبحث عقد المكره ، وقد لخصناه مع إضافة بعض الايضاحات الدخيلة في المقام ، فإن استطاع أحد الجزم به كانت النتيجة واضحة على ما عرفت . وإن أخذ الكلام بظاهره البدوي وفرض كون الاستثناء منقطعا ، فنقول المراد بالأكل - بعد تعذر حمله على المعنى الحقيقي - إما التملك أو التصرف بالمال . والظاهر إرادة الأول ، فإن مجرد التصرف ما لم ينضم البناء على تملكه وإدخاله في ضمن ممتلكاته لا يعد أكلا للمال عرفا ، فلا يقال لمن سكن دار الغير سنة من دون إذنه إنه أكلها ، بل يقال لمن استملكها وغصبها إنه أكلها . وعليه ، فالآية الشريفة تتكفل النهي عن تملك المال بالباطل . ومقتضاها عدم نفوذ التملك بالسبب الباطل بحمل النهي على الارشادي إلى الفساد ، كما هو الظاهر في باب المعاملات ، لا على التكليفي كي يتوقف اقتضاؤه للفساد على القول بذلك في أبواب المعاملات ، وهو خلاف ما حققناه في الأصول . والمراد بالباطل الباطل العرفي ، فتدل على عدم نفوذ الفسخ وتأثيره شرعا لو لم يكن مؤثرا بنظر العرف . وأما لو أريد من الأكل التصرف ، فتتكفل الآية النهي عن التصرف بالمال بسبب باطل عرفا ، فتدل على اللزوم إذا فرض أن الفسخ غير مؤثر بنظر العرف . لكن قد يشكل أن الشارع إذا أذن في الفسخ خرج عن كونه باطلا عند العرف لكشفه عن ثبوت حق له ، كما في الموارد التي يكون العقد جائزا فيها ، فإن خروجه عن الآية بالتخصص لا التخصيص . وعليه ، فمع الشك في تأثير الفسخ شرعا يشك في أنه باطل عرفا ، فلا يصح التمسك بالآية لكون الشبهة مصداقية . وينحصر الجواب عن هذا الاشكال بما تدفع به دعوى عدم إمكان التمسك باطلاق أدلة المعاملات لو فرض أن أساميها موضوعة للصحيح شرعا ، إذ كل ما
[1] الطباطبائي ، السيد محمد كاظم : حاشية المكاسب / كتاب الخيارات ، ص 126 ، الطبعة الأولى .