الغابن الذي وقع البيع معه " لا أنه وجه مستقل غير قوله الثاني ، ويكون قوله الثاني وجها آخر ، كما حمله على ذلك المحقق الإصفهاني ( رحمه الله ) [1] . وذكر ( رحمه الله ) في وجه قوله الثاني أن مراده أنه إذا اقتضى الفسخ تلقي الملك من الغابن فلا يتصور إلا بفرض العقد الثاني كالعدم من الأول ، وإلا لزم توقيت الملكية في العقد الثاني - مع أن أثر البيع هو الملكية المرسلة لا الموقتة - . وأورد عليه : نقضا بأن مقتضى ذلك هو الالتزام بالانفساخ من الأصل في كل فسخ وإلا لزم توقيت الملكية . إنتهى . ولا يخفى عليك أنه لا مجال لما ذكره بعد توجيه عبارة الشيخ ( قدس سره ) بما تقدم . وأما وجه الثالث : الذي قواه الشيخ ( قدس سره ) فيمكن أن يستفاد من عبارة الشيخ ( قدس سره ) أنه الاجماع على صحة تصرف الغابن ولزومه لذهاب طائفة إلى أن التصرف في زمن خيار غير المتصرف صحيح ولازم ، وذهاب طائفة أخرى إلى أن خيار الغبن إنما يثبت عند ظهور الغبن لا بنفس الغبن . ومجموع هاتين الطائفتين يشكلان إجماعا على لزوم تصرف الغابن . ولكن لا يخفى أن مثل هذا الاجماع لا يعتمد عليه للعلم بمستند بعض المجمعين ، فلا يكون إجماعا تعبديا ، وليس هو من الاجماع المركب ، فلاحظ . وتحقيق الكلام في هذا الفرع : أنه إن فهم من أدلة الخيار أنه حق يتعلق بالعقد بحيث لا يتقوم برد العين بل يجتمع مع رد البدل ، كان الوجه الأخير هو المتعين لعدم التنافي أصلا بين لزوم تصرف الغابن وثبوت الخيار للمغبون . وإن فهم أنه حق يتعلق بالعين بحيث يتقوم بردها ، كان المتعين هو الثاني وهو بطلان تصرف الغابن من رأس ، لما عرفت من أن هذا الحق نظير حق الرهانة يقتضي تلقي الملك من البائع وهو لا يتم إلا ببطلان تصرفه . وأما الوجه الأول ، فهو يحتاج إلى دليل خاص يدل على تسلط المغبون على فسخ تصرف الغابن لتدخل العين في ملك الغابن ثم يفسخ عقده المغبون فيه ليتلق
[1] الأصفهاني ، الشيخ محمد حسين : حاشية المكاسب / كتاب الخيارات ، ص 64 ، الطبعة الأولى .