وإن كان المستند فيه ما ورد في تلقي الركبان من أنهم بالخيار إذا دخلوا السوق . فالظاهر الأولي له - بعد الجزم بعدم الخصوصية لدخول السوق وإنما المناط ظهور الغبن الملازم لدخول السوق ومعرفة الأثمان - هو إناطة الخيار بظهور الغبن لا بنفسه . وقد استشكل المحقق الخراساني ( رحمه الله ) [1] في دلالتها على ذلك بما محصله : إنه إذا فرض أن دخول السوق ليس له خصوصية وإنما هو سبب لتبين الخيار ولم يظهر في أنه سبب لتبين الخيار للغبن أو سبب لتبينه لظهور الغبن ، ولا دليل على تعيين الثاني . وهذا الاشكال مندفع : بأن المعلق على دخوله السوق هو الخيار ، فلا بد أن يكون دخول السوق ملحوظا طريقا لظهور الغبن لا لظهور الخيار - مع اجمال سببه - إذ لا معنى لتعليق الخيار على تبين الخيار . هذا ، ولكن الانصاف أنه يمكن الخدشة في دلالة هذه الرواية على المدعى بما تقرر من : أن لهذا التعبير ظهورا ثانويا في أن الموضوع هو ذات المعلوم والعلم والظهور والتبين ونحو ذلك من الألفاظ المأخوذة بنحو الطريقية لا بنحو الموضوعية ، كما يقال : إذا ظهرت نزاهته فأكرمه وإذا ظهرت أعلميته فقلده وهكذا . وإن كان دليل الخيار هو الاجماع ، كان القدر المتيقن منه - مع الشك - هو ظهور الخيار عند ظهور الغبن ، للشك في ثبوت الخيار قبل ظهور الغبن من الاجماع . ثم إنه لا وجه للاعتراض على الشيخ ( قدس سره ) في اقتصاره في تحقيق المسألة على نقل الكلمات ، لأن عمدة دليله على الخيار هو الاجماع كما تقدم ، فيتعين عليه ملاحظة كلماتهم لمعرفة مقدار معقد إجماعهم . فالتفت . ثم إنه ( قدس سره ) بعد أن ذكر بعض كلمات الأعلام قال [2] : " هذا ولكن لا يخفى امكان ارجاع الكلمات إلى أحد الوجهين بتوجيه ما كان منها ظاهرا في المعنى الآخر . وتوضيح ذلك : إنه إن أريد بالخيار السلطنة الفعلية التي يقتدر بها على الفسخ
[1] الخراساني ، الشيخ محمد كاظم : حاشية المكاسب ، ص 101 ، الطبعة الأولى . [2] الأنصاري ، الشيخ مرتضى : المكاسب ، ص 237 ، الطبعة الأولى .