المسألة الثانية : في أن الخيار هل يثبت عند ظهور الغبن أو أن سببه الغبن نفسه وإن لم يظهر ؟ وحرر الشيخ ( قدس سره ) هذه المسألة بنحو آخر وهو : أن ظهور الغبن شرط شرعي لحدوث الخيار أو كاشف عقلي عن ثبوته حين العقد . وقد ذكر ( قدس سره ) أن في ذلك وجهين ينشئان من اختلاف كلمات العلماء في فتاواهم ومعاقد اجماعهم واستدلالاتهم . ثم ذكر بعض كلمات الأعلام . وتحقيق الكلام في هذه المسألة يتوقف على ملاحظة أدلة هذا الخيار وما يقتضيه كل واحد منها ، فنقول : إن كان دليل الخيار هو قاعدة نفي الضرر ، فهو يدور مدار نفس الغبن لا ظهوره ، لأن حكم الشارع باللزوم واقعا حكم بما هو سبب للضرر ، فهو مرتفع بمقتضى القاعدة ولا دخل للعلم والجهل به ، لتحقق الضرر واقعا . وتوهم : أن الالتزام بالعقد وعدم الفسخ عند الجهل بالغبن والضرر ليس مستندا إلى الحكم باللزوم بحيث لولاه لزال الضرر ، بل هو مستند إلى جهل العاقد نفسه بالغبن . يندفع : أولا : بأنه لا يتم بناء على الالتزام بأن مفاد القاعدة نفي الحكم عن الموضوع الضرري ، كما لا يخفى ، فتأمل . وثانيا : بأن لازمه عدم جريان قاعدة نفي الضرر مع عدم الالتفات إلى الحكم الضرري وعدم العلم به ، إذ الضرر لا يستند إليه أيضا بل إلى جهل المكلف ، وهو مما لا يلتزم به . وثالثا : - وهو العمدة - إن مفاد القاعدة هو ارتفاع الحكم الذي يكون جعله سببا للضرر في نفسه ومنشأ لوقوع المكلف في الضرر وهذا متحقق فيما نحن فيه ، وجهل المكلف لا يستلزم ارتفاع هذه الجهة وهذا الوصف عنه في الواقع . فلاحظ . وإن كان دليل الخيار هو الشرط الضمني الارتكازي ، فالظاهر أن مقتضاه إناطة الخيار بنفس الغبن ، لأن الشرط هو عدم الغبن ، فتخلفه موجب للخيار .