بل الذي نقوله : إن الاقدام على الضرر بمفهومه وواقعه لم يؤخذ في لسان دليل على أنه مانع من جريان قاعدة نفي الضرر كي يحاول إثبات صدق الاقدام في مورد التردد ، وإنما هو يستلزم عدم تحكيم قاعدة نفي الضرر من باب أنها لا تكون قاعدة امتنانية معه ، فلا بد من معرفة هذه الجهة وهي أن تحكيم قاعدة نفي الضرر هل يكون موافقا للامتنان أو لا ؟ والحق الأول ، فإن في جعل الخيار للجاهل المتردد في الزيادة الذي يقدم على المعاملة برجاء المساواة ولذا يتأثر نفسيا عند علمه بالزيادة ، كمال الامتنان والرحمة به ، كما لا يخفى . فقاعدة نفي الضرر في مثل هذه الصورة محكمة . ثم إنه يقع الكلام في فروع : الفرع الأول : ما ذكره الشيخ ( قدس سره ) [1] من أنه . . لو أقدم على غبن يتسامح به ، فبان أزيد بما لا يتسامح بالمجموع منه ومن المعلوم ، فلا يبعد الخيار . وإن أقدم على ما لا يتسامح ، فبان أزيد بما يتسامح منفردا أو بما لا يتسامح منفردا ، ففي الخيار وجه . وقد أفاد السيد الطباطبائي ( رحمه الله ) [2] أنه أقدم على الغبن الخاص بشرط لا بمعنى أنه لو كان أزيد منه لا يقدم على ما أقدم عليه ، فالشرط يرجع إلى الاقدام على الغبن الخاص . فيكون الخيار ثابتا عند ظهور الزيادة لأنه غبن لا يتسامح به في جميع الصور ، ولم يقدم عليه لعدم تحقق الشرط . وذهب المحقق الإيرواني ( رحمه الله ) [3] إلى التفصيل بين صورة الاقدام بشرط لا ، فيثبت الخيار في الجميع ، وصورة الاقدام لا بشرط ، فلا يثبت إلا فيما كانت الزيادة مما لا يتسامح بها .
[1] الأنصاري ، الشيخ مرتضى : المكاسب ، ص 234 ، الطبعة الأولى . [2] الطباطبائي ، السيد محمد كاظم : حاشية المكاسب / كتاب الخيارات ، ص 39 ، الطبعة الأولى . [3] الإيرواني ، الشيخ ميرزا علي : حاشية المكاسب / كتاب الخيارات ، ص 30 ، الطبعة الأولى .